[دلالة القاعدة]
وأمّا دلالتها : فالظاهر أنّ الضرر هو ما يقابل النفع (١) ـ من النقص في النفس أو الطرف أو العرض أو المال ـ تقابل العدم والملكة (٢).
كما أنّ الأظهر أن يكون الضرار بمعنى الضرر ، جيء به تأكيدا ـ كما يشهد به إطلاق المضارّ على سمرة (٣) ، وحكي عن النهاية (٤) ؛ لا فعل الاثنين ، وإن كان هو الأصل في باب المفاعلة ؛ ولا الجزاء على الضرر ، لعدم تعاهده من باب المفاعلة. وبالجملة : لم يثبت له معنى آخر غير الضرر.
كما أنّ الظاهر أن يكون «لا» لنفي الحقيقة ـ كما هو الأصل في هذا التركيب ـ حقيقة أو ادّعاء كناية عن نفي الآثار ، كما هو (٥) الظاهر من مثل «لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد» (٦) ، و «يا أشباه الرجال ولا رجال» (٧) ، فإنّ قضيّة البلاغة في الكلام هي إرادة نفي الحقيقة ادّعاء ، لا نفي الحكم أو الصفة كما لا يخفى. ونفي الحقيقة ادّعاء بلحاظ الحكم أو الصفة غير نفي أحدهما ابتداء مجازا في التقدير أو في الكلمة ، ممّا لا يخفى(٨) على من له معرفة بالبلاغة (٩).
وقد انقدح بذلك بعد إرادة نفي الحكم الضرريّ (١٠) أو الضرر غير
__________________
(١) كما في الكتب اللغويّة ، فراجع العين ٧ : ٧ ، الصحاح ٢ : ٧١٩ ، النهاية (لابن الأثير) ٣ : ٨١ ، لسان العرب ٤ : ٤٨٢.
(٢) إذ لا يطلق الناقص إلّا على الشيء الّذي من شأنه عدم ذلك النقص ، مثلا : لا يطلق الأعمى إلّا على فاقده الّذي من شأنه أن يكون بصيرا ، كالحيوان.
(٣) اطلق المضارّ على سمرة في رواية الحذّاء المتقدّمة.
(٤) النهاية (لابن الأثير) ٣ : ٨١.
(٥) أي : نفي الحقيقة ادّعاء.
(٦) دعائم الإسلام ١ : ١٤٨.
(٧) نهج البلاغة ، الخطبة : ٢٧.
(٨) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «كما لا يخفى».
(٩) والحاصل : أنّ المقصود من نفي الضرر في قوله : «لا ضرر» نفي أحكام الموضوع الضرريّ من باب نفي الحكم بلسان نفي موضوعه.
(١٠) بأن يكون المراد بالضرر في قوله : «لا ضرر» سببه ، وهو الحكم. فيطلق الضرر عليه من ـ