أقوى من مصلحة الأقلّ ، فالعقل في مثله وإن استقلّ بالبراءة بلا كلام إلّا أنّه خارج عمّا هو محلّ النقض والإبرام في المقام (١) ، هذا.
[الدليل الثاني على وجوب الاحتياط عقلا]
مع أنّ الغرض الداعي إلى الأمر لا يكاد يحرز إلّا بالأكثر ، بناء على ما ذهب إليه المشهور من العدليّة من تبعيّة الأوامر والنواهي للمصالح والمفاسد في المأمور بها والمنهيّ عنها ، وكون الواجبات الشرعيّة ألطافا في الواجبات العقليّة (٢) ، وقد مرّ اعتبار موافقة الغرض وحصوله عقلا في إطاعة الأمر وسقوطه (٣) ، فلا بدّ من إحرازه في إحرازها ، كما لا يخفى(٤).
[الإيراد على ما ذكره الشيخ الأنصاريّ في الجواب عن الدليل الثاني]
ولا وجه للتفصّي عنه (٥) تارة بعدم ابتناء مسألة البراءة والاحتياط على ما ذهب إليه مشهور العدليّة ، وجريانها (٦) على ما ذهب إليه الأشاعرة المنكرين لذلك ، أو بعض العدليّة المكتفين (٧) بكون المصلحة في نفس الأمر دون
__________________
(١) والوجه في خروجه معلوم ، فإنّ محلّ الكلام هو الأقلّ والأكثر الارتباطيّان ، وما ذكر من الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين.
(٢) راجع كشف المراد : ٣٠٣ و ٣٤٨ ، شرح الباب الحادي عشر : ٢٦٠ ، مفتاح الباب : ١٥٢.
(٣) راجع الجزء الأوّل : ١٣٩ و ١٤٣.
(٤) هذا الدليل تعرّض له الشيخ الأعظم الأنصاريّ ثمّ أجاب عنه بوجهين سيأتي بيانهما. راجع فرائد الاصول ٢ : ٣١٩.
(٥) أي : عن الاستدلال بالغرض. وهذا تعريض بالشيخ الأعظم الأنصاريّ ، فإنّه تخلّص عن الاستدلال المذكور بالوجهين الآتيين. راجع فرائد الاصول ٢ : ٣١٩ ـ ٣٢٠.
(٦) أي : وبجريانها. فقوله : «جريانها» معطوف على «عدم ابتناء». والضمير راجع إلى المسألة.
(٧) هكذا في النسخ : والصحيح أن يقول : «على ما ذهب إليه الأشاعرة المنكرون لذلك أو بعض العدليّة المكتفون ...» أو يقول : «على مذهب الأشاعرة المنكرين لذلك أو مذهب بعض العدليّة المكتفين ...».