إن قلت : نعم ، لكنّه (١) إذا لم يكن العلم بها (٢) مسبوقا بالعلم بالتكاليف (٣).
__________________
ـ المعتبرة ، فإنّا نعلم إجمالا بمطابقة جملة من الأمارات المعتبرة للواقع. ومعلوم أنّ العقل يحكم بلزوم الاحتياط في أطراف الشبهات إذا لم ينحلّ العلم الإجماليّ الكبير بالعلم الإجماليّ الصغير إلى علم تفصيليّ وشكّ بدويّ ، وإلّا فلا يحكم به. وقد انحلّ العلم الإجماليّ الكبير هاهنا. والوجه في انحلاله انّا نعلم بالعلم الإجماليّ الصغير بمطابقة جملة من مؤدّيات الأمارات المعتبرة للواقع ، ونعلم أيضا أن لا يكون المعلوم بالإجمال في العلم الإجماليّ الصغير أقلّ عددا من المعلوم بالإجمال في العلم الإجماليّ الكبير ، بحيث لو أفرزنا من أطراف العلم الإجماليّ الكبير بمقدار المعلوم بالإجمال في العلم الإجماليّ الصغير لم يبق لنا علم إجماليّ في بقيّة الأطراف. مثلا : إذا علمنا إجمالا بوجود مائة حكم ـ مثلا ـ في جميع المشتبهات وموارد الأخبار والأمارات المعتبرة وغير المعتبرة ، وعلمنا بوجود هذا العدد ـ أو أزيد ـ أيضا في الأمارات المعتبرة ، لم يبق لنا علم إجماليّ بثبوت تكاليف في غير موارد الأمارات المعتبرة ، لإمكان انطباق المعلوم بالإجمال في العلم الإجماليّ الكبير ـ وهو مائة حكم ـ على المعلوم بالإجمال في الصغير ـ وهو أيضا مائة حكم ـ ؛ فحينئذ نعلم تفصيلا بثبوت تلك المائة من التكاليف في الأمارات المعتبرة الّتي نعلم اجمالا بصدور كثير منها ، ونشكّ في ثبوتها في غيرها شكّا بدويّا ، فلا يجب الاحتياط إلّا في أطراف العلم الاجماليّ الصغير ـ وهو موارد الأخبار والأمارات المعتبرة ـ ، وأمّا أطراف العلم الاجماليّ الكبير ـ من الشبهات وموارد الأمارات غير المعتبرة ـ فلا يجب الاحتياط فيها.
ولا يخفى : أنّ ما أفاده المصنّف رحمهالله هاهنا في تقرير وجه الانحلال يختلف عما أفاده في تقريره في الوجه الأوّل من الوجوه العقليّة الّتي اقيمت على حجّيّة خبر الواحد ، فإنّه جعل هناك أطراف العلم الإجماليّ الصغير خصوص موارد الأخبار المعتبرة ، وجعل هنا أطرافه الأمارات والاصول المعتبرة ـ كالأخبار والشهرة والسيرة ـ.
(١) أي : الانحلال.
(٢) أي : العلم بالأحكام الّتي هي مؤدّيات الأمارات وموارد الاصول.
(٣) وفي بعض النسخ : «بالواجبات». والصحيح ما أثبتناه.
وتوضيح الإشكال : أنّ العلم الإجماليّ بثبوت تكاليف فعليّة في موارد الطرق والاصول العمليّة المعتبرة متأخّر عن العلم الإجماليّ بثبوتها في مطلق المشتبهات وموارد الأمارات والاصول العمليّة ، ضرورة أنّ العلم الإجماليّ الكبير يحصل من أوّل البلوغ والالتفات إلى الشريعة ، والعلم الإجماليّ الصغير يحصل بعد التتبّع في موارد الطرق والاصول ، فالعلم الإجماليّ الصغير متأخّر عن العلم الإجماليّ الكبير ، والعلم الإجماليّ المتأخّر لا يؤثّر ـ