الكتاب (١) أنّ الملاك في الاصوليّة صحّة وقوع نتيجة المسألة في طريق الاستنباط ، ولو لم يكن البحث فيها عن الأدلّة الأربعة ، وإن اشتهر في ألسنة الفحول (٢) كون الموضوع في علم الأصول هي الأدلّة.
وعليه لا يكاد يفيد في ذلك ـ أي كون هذه المسألة اصوليّة ـ تجشّم دعوى «أنّ البحث عن دليليّة الدليل بحث عن أحوال الدليل» (٣) ، ضرورة أنّ البحث في المسألة ليس عن دليليّة الأدلّة ، بل عن حجّيّة الخبر الحاكي عنها.
كما لا يكاد يفيد عليه تجشّم دعوى «أنّ مرجع هذه المسألة إلى أنّ السنّة ـ وهي قول الحجّة أو فعله أو تقريره ـ هل تثبت بخبر الواحد أو لا تثبت إلّا بما يفيد القطع من التواتر أو القرينة؟» (٤) ، فإنّ التعبّد بثبوتها مع الشكّ فيها لدى الإخبار بها ليس من عوارضها ، بل من عوارض مشكوكها ، كما لا يخفى. مع أنّه (٥) لازم لما يبحث عنه في المسألة من حجّيّة الخبر ، والمبحوث عنه في المسائل إنّما هو الملاك في أنّها من المباحث أو من غيره ، لا ما هو لازمه ، كما هو واضح.
[أدلّة القائلين بعدم حجّيّة خبر الواحد ، والجواب عنها]
وكيف كان فالمحكيّ عن السيّد (٦) والقاضي (٧) وابن زهرة (٨) والطبرسيّ (٩)
__________________
(١) راجع الجزء الأوّل : ٢٢.
(٢) كالمحقّق القميّ في قوانين الاصول ١ : ٩ ، وصاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ١١ ـ ١٢.
(٣) هذا ما أفاده صاحب الفصول جوابا عن إشكال خروج مسألة حجّيّة خبر الواحد من علم الاصول بناء على أن يكون موضوعه خصوص الأدلّة الأربعة. راجع الفصول الغرويّة : ١٢.
(٤) وهذا ما أفاده الشيخ الأعظم الأنصاريّ في دفع إشكال خروج مسألة حجّيّة خبر الواحد من علم الاصول بناء على كون موضوعه خصوص الأدلّة الأربعة بما هي أدلّة. راجع فرائد الاصول ١ : ٢٣٨.
(٥) أي : التعبّد بثبوت السنّة.
(٦) الذريعة ٢ : ٥٢٨ ـ ٥٣١ ، رسائل الشريف المرتضى ١ : ٢٤ ـ ٢٥.
(٧) هو أبو القاسم بن نحرير بن عبد العزيز بن برّاج. حكاه عنه صاحب المعالم في معالم الدين : ١٨٩. وراجع نصّ كلامه في المهذّب (كتاب القضاء) ٢ : ٥٩٨.
(٨) غنية النزوع «ضمن الجوامع الفقهيّة» : ٤٧٥.
(٩) مجمع البيان ٩ : ١٩٩.