وربّما يشكل في كون الأجزاء مقدّمة له وسابقة عليه بأنّ المركّب ليس إلّا نفس الأجزاء بأسرها (١).
والحلّ : أنّ المقدّمة هي نفس الأجزاء بالأسر ، وذا المقدّمة هو الأجزاء بشرط الاجتماع ، فتحصل المغايرة بينهما (٢).
وبذلك ظهر أنّه لا بدّ في اعتبار الجزئيّة أخذ الشيء بلا شرط ، كما لا بدّ في اعتبار الكلّيّة من اعتبار اشتراط الاجتماع.
وكون الأجزاء الخارجيّة ـ كالهيولى والصورة ـ هي الماهيّة المأخوذة بشرط لا (٣) ، لا ينافي ذلك ، فإنّه إنّما يكون في مقام الفرق بين نفس الأجزاء الخارجيّة والتحليليّة ـ من الجنس والفصل ـ وأنّ الماهيّة إذا اخذت بشرط لا ، تكون هيولى أو صورة ، وإذا اخذت لا بشرط تكون جنسا أو فصلا ، لا بالإضافة إلى المركّب ، فافهم.
ثمّ لا يخفى : أنّه ينبغي خروج الأجزاء عن محلّ النزاع ـ كما صرّح به بعض (٤) ـ. وذلك لما عرفت من كون الأجزاء بالأسر عين المأمور به ذاتا ، وإنّما
__________________
(١) هذا الإشكال نسبه الشيخ محمّد تقيّ الاصفهانيّ ـ في هداية المسترشدين : ٢١٦ ـ إلى بعض الأفاضل. وحاصله : أنّه لا يصحّ إطلاق المقدّمة على الأجزاء الداخليّة ، لأنّ المقدّميّة فرع كون الشيء سابقا على ذي المقدّمة ، والأجزاء الداخليّة غير سابقة على المركّب منها ، لأنّ المركّب عين أجزائه ، ونفس الشيء لا يمكن أن يكون سابقا على نفسه.
(٢) حاصل الجواب : أنّه يصحّح إطلاق المقدّمة على الأجزاء بأنّ للأجزاء جهتين ، إحداهما مترتّبة على الاخرى ، وهما : جهة ذاتها بنفسها ، وجهة اجتماعها. وجهة الذات متقدّمة على جهة اجتماع كلّ ذات مع ذات اخرى تقدّم المعروض على عارضه. فإذا لوحظت الأجزاء من جهة ذاتها كانت مقدّمة ، وإذا لوحظت مجتمعة كانت ذا المقدّمة. فالمقدّمة سابقة على ذيها تقدّم المعروض على العارض.
(٣) أي : بشرط عدم الحمل.
(٤) وهو سلطان العلماء على ما في هداية المسترشدين : ٢١٦. ووافقه المصنّف في المقام.
واختاره الأعلام الثلاثة. راجع أجود التقريرات ١ : ٢١٦ ، نهاية الأفكار ١ : ٢٦٩ ، نهاية الدراية ١ : ٣٠٦.
وخالفهم السيّد الإمام الخمينيّ ، وذهب إلى أنّ الأجزاء الداخليّة داخلة في محلّ النزاع. ـ