غير ذلك من صفات الكمال والجلال (١) ـ عليه تعالى ـ على ما ذهب إليه أهل الحقّ من عينيّة صفاته (٢) ـ يكون على الحقيقة ، فإنّ المبدأ فيها وإن كان عين ذاته تعالى خارجا إلّا أنّه غير ذاته تعالى مفهوما.
ومنه قد انقدح [فساد] ما في الفصول (٣) من الالتزام بالنقل أو التجوّز في ألفاظ الصفات الجارية عليه تعالى ـ بناء على الحقّ من العينيّة ـ ، لعدم المغايرة المعتبرة بالاتّفاق(٤).
وذلك لما عرفت من كفاية المغايرة مفهوما ، ولا اتّفاق على اعتبار غيرها إن لم نقل بحصول الاتّفاق على عدم اعتباره ، كما لا يخفى ؛ وقد عرفت ثبوت المغايرة كذلك (٥) بين الذات ومبادئ الصفات.
الخامس : [كيفيّة قيام المبادئ بالذات]
انّه وقع الخلاف ـ بعد الاتّفاق على اعتبار المغايرة كما عرفت بين المبدأ وما يجري عليه المشتقّ ـ في اعتبار قيام المبدأ به (٦) في صدقه على نحو الحقيقة.
وقد استدلّ من قال بعدم الاعتبار (٧) بصدق الضارب والمؤلم [على الفاعل] مع قيام الضرب والألم بالمضروب والمؤلم ـ بالفتح ـ.
__________________
(١) قال العلّامة المحشّي المشكينيّ : «لا يخفى أنّ صفات الجلال هي الصفات السلبيّة ، وهي ليست عين الذات ، فالظاهر أنّه تفسير للكمال ، وليس المراد منه ما هو المصطلح». كفاية الاصول ـ الطبع الحجريّ ـ المحشّاة بحاشية المشكينيّ ١ : ٨٥.
ولكن يرد عليه : أنّ الصفات السلبيّة ترجع بالحقيقة إلى الصفات الثبوتيّة ، لأنّها ليست إلّا سلب سلب الكمال ، وهو يرجع إلى إيجاب الكمال ، لأنّ نفي النفي إثبات. فقولنا : «الله تعالى ليس بجاهل» يرجع إلى «الله تعالى عالم». وعليه فالصفات السلبيّة أيضا عين الذات.
(٢) والأولى أن يقول : «عينيّة ذاته وصفاته».
(٣) وما بين المعقوفتين ليس في النسخ.
(٤) الفصول الغرويّة : ٦٢.
(٥) أي : مفهوما.
(٦) أي : بما يجري عليه المشتقّ.
(٧) ولعلّ القائل به هو المعتزلة ، فإنّهم ذهبوا إلى عدم اعتبار القيام الحلوليّ.