حجّة على الثبوت ولو كان أصلا ، كما لا يخفى (١).
[الوجه الثالث : ما أفاده صاحب هداية المسترشدين]
ثالثها : ما أفاده بعض المحقّقين (٢) بما ملخّصه : «أنّا نعلم بكوننا مكلّفين بالرجوع إلى الكتاب والسنّة إلى يوم القيامة ، فإن تمكّنّا من الرجوع إليهما على نحو يحصل العلم بالحكم أو ما بحكمه ، فلا بدّ من الرجوع إليهما كذلك ، وإلّا فلا محيص عن الرجوع على نحو يحصل الظنّ به في الخروج عن عهدة هذا التكليف ، فلو لم يتمكّن من القطع بالصدور أو الاعتبار فلا بدّ من التنزّل إلى الظنّ بأحدهما» (٣).
وفيه : أنّ قضيّة بقاء التكليف فعلا بالرجوع إلى الأخبار الحاكية للسنّة ـ كما صرّح بأنّها المراد منها في ذيل كلامه «زيد في علوّ مقامه» ـ إنّما هي الاقتصار (٤)
__________________
(١) توضيح ما أفاده : أنّ الأولى في الإيراد على هذا الوجه أن نقول : إنّ مقتضى هذا الوجه هو وجوب العمل بكلّ خبر دلّ على جزئيّة شيء أو شرطيّته من باب الاحتياط إذا لم يقم على نفي جزئيّة ذلك الشيء أو نفي شرطيّته دليل معتبر من عموم أو إطلاق. فإذا دلّ عموم دليل أو إطلاقه على نفيهما لا يجب العمل بتلك الأخبار المثبتة لجزئيّته أو شرطيّته ، كما لا يجوز العمل بالخبر النافي لهما إذا كان في قباله دليل على الجزئيّة أو الشرطيّة ، ولو كان ذلك الدليل أصلا عمليّا.
نعم ، لو كان مقتضى هذا الوجه حجّيّة الأخبار المثبتة للجزئيّة أو الشرطيّة وجب العمل بها ولو دلّ عموم دليل أو إطلاقه على نفيهما ، بل يخصّص العموم أو يقيّد الإطلاق النافي بالأخبار المثبتة. كما يعمل ـ حينئذ ـ بالأخبار النافية لهما في قبال ما دلّ على ثبوتهما لو كان ذاك الدليل أصلا عمليّا.
والحاصل : أنّ ما يدلّ عليه هذا الدليل ـ وهو لزوم العمل بالأخبار المثبتة من باب الاحتياط ـ غير ما هو المدّعى في المقام ـ من حجّيّة الأخبار الواجدة للشرطين المذكورين ـ.
(٢) وهو المحقّق الشيخ محمّد تقيّ الاصفهانيّ صاحب الحاشية على المعالم (هداية المسترشدين).
(٣) راجع هداية المسترشدين : ٣٩٧.
(٤) وفي بعض النسخ : «إنّما هو الاقتصار ...». والصحيح ما أثبتناه.