أفرادها ، وهو
اللزوم بين العلّة المنحصرة ومعلولها (١) ؛ ففاسدة جدّا ، لعدم كون الأكمليّة موجبة للانصراف إلى
الأكمل ، لا سيّما مع كثرة الاستعمال في غيره ، كما لا يكاد يخفى(٢). هذا مضافا إلى منع كون اللزوم بينهما أكمل ممّا إذا لم
تكن العلّة بمنحصرة ، فإنّ الانحصار لا يوجب أن يكون ذاك الربط الخاصّ الّذي لا
بدّ منه في تأثير العلّة في معلولها آكد وأقوى(٣).
إن قلت : نعم (٤) ، ولكنّه (٥) قضيّة الإطلاق بمقدّمات الحكمة ، كما أنّ قضيّة إطلاق صيغة
الأمر هو الوجوب النفسيّ (٦).
__________________
(١) وهذا هو الوجه
الثاني من الوجوه الّتي استدلّ بها على إثبات دلالة القضيّة الشرطيّة على العلّيّة
المنحصرة. وتعرّض له الشيخ الأنصاريّ في مطارح الأنظار : ١٧٠.
وحاصله :
أنّ العلّيّة المنحصرة أكمل أفراد العلاقة اللزوميّة الّتي تدلّ عليها القضيّة
الشرطيّة ، والمطلق ينصرف إلى أكمل أفراده ، فإطلاق العلاقة اللزوميّة ينصرف إلى
العلّيّة المنحصرة.
(٢) هذا جواب عن كبرى
الوجه الثاني. وحاصله : أنّ الانصراف ينشأ من انس اللفظ بالمعنى ، وهو يحصل بكثرة
الاستعمال ، وهي مفقودة في المقام. وأمّا نفس أكمليّة الأفراد بما هي لا تستلزم
الانصراف.
(٣) وهذا جواب عن
صغرى الوجه الثاني. بيان ذلك
: أنّ الانحصار لا يوجب كون الربط الخاصّ الحاصل بين الشرط والجزاء آكد وأقوى.
ولكن أورد المحقّق العراقيّ على هذا
الجواب بأنّ أشدّيّة الملازمة في صورة الانحصار إنّما هي من جهة ما يلزمه من
الانتفاء عند الانتفاء. بخلافه في صورة عدم الانحصار ، فإنّ الملازمة ـ حينئذ ـ كانت
بينهما من طرف الوجود الخاصّ. والعرف يرون الملازمة بينهما على النحو الأوّل أشدّ
من الملازمة على النحو الثاني.
ثمّ تمسّك بإطلاق الملازمة ، بدعوى أنّ
مقتضى مقدّمات الحكمة هو الحمل على أكمل أفراد اللزوم ، وهو اللزوم بين المعلول
والعلّة المنحصرة. راجع نهاية الأفكار ٢ : ٤٨١.
(٤) أي : لو سلّم أنّ
الجملة الشرطيّة لا تدلّ بالوضع على انحصار العلّة في الشرط.
(٥) أي : انحصار
العلّة.
(٦) هذا هو الوجه
الثالث. وتوضيحه
: أنّ إطلاق التعليق ـ بمقتضى مقدّمات الحكمة ـ يستلزم كون الشرط علّة منحصرة ،
لأنّ الترتّب على المنحصر لا يحتاج إلى مئونة زائدة على بيان نفس ترتّب الجزاء على
الشرط المذكور في القضيّة. وأمّا الترتّب على غير المنحصر ترتّب على الغير أيضا.
فإذا لم يبيّنه المتكلّم الحكيم فإطلاق التعليق في كلامه ـ بمقتضى مقدّمات ـ