وإن كان الإشكال بذلك (١) فيها في غير محلّه ، لأجل كون مثلها من التعريفات ليس بحدّ ولا برسم ، بل من قبيل شرح الإسم ، كما نبّهنا عليه غير مرّة ، فلا وجه لإطالة الكلام بالنقض والإبرام في تعريف العبادة ، ولا في تعريف غيرها كما هو العادة.
الخامس : [تحرير محلّ النزاع]
إنّه لا يدخل في عنوان النزاع إلّا ما كان قابلا للاتّصاف بالصحّة والفساد ، بأن يكون تارة تامّا يترتّب عليه ما يترقّب عنه من الأثر ، واخرى لا كذلك ، لاختلال بعض ما يعتبر في ترتّبه.
أمّا ما لا أثر له شرعا ، أو كان أثره ممّا لا يكاد ينفكّ عنه ـ كبعض أسباب الضمان(٢) ـ فلا يدخل في عنوان النزاع ، لعدم طرو الفساد عليه كي ينازع في أنّ النهي عنه يقتضيه أولا.
فالمراد بالشيء في العنوان هو العبادة بالمعنى الّذي تقدّم ، والمعاملة بالمعنى الأعمّ ممّا يتّصف بالصحّة والفساد ، عقدا كان أو إيقاعا أو غيرهما (٣) ، فافهم.
السادس : [المراد من الصحّة والفساد]
إنّ الصحّة والفساد وصفان إضافيّان يختلفان بحسب الآثار والأنظار. فربما يكون شيء واحد صحيحا بحسب أثر أو نظر ، وفاسدا بحسب آخر.
__________________
(١) أي : بالانتفاض طردا وعكسا.
(٢) كالإتلاف والغصب وغيرهما. وكالملاقاة في تحقّق الطهارة أو النجاسة.
(٣) العقد كالبيع ، والإيقاع كالطلاق ، وغيرهما كالتحجير والحيازة في ثبوت الحقّ أو الملكيّة.
وخالفه المحقّق النائينيّ ، فاختصّ النزاع بالعقود والإيقاعات ، وأخرج غيرهما. فوائد الاصول ٢ : ٤٥٦.
ولا يخفى : أنّ الملاك الّذي يقتضي الفساد في العقود والإيقاعات ـ كما مرّ ـ يقتضيه في مثل الحيازة والتحجير وغيرهما.