ثالثتها (١) : [تعدّد العنوان لا يستلزم تعدّد المعنون]
انّه لا يوجب تعدّد الوجه والعنوان تعدّد المعنون ، ولا تنثلم به وحدته ، فإنّ المفاهيم المتعدّدة والعناوين الكثيرة ربما تنطبق على الواحد وتصدق على الفارد الّذي لا كثرة فيه من جهة ، بل بسيط من جميع الجهات ، ليس فيه حيث غير حيث ، وجهة مغايرة لجهة أصلا ، كالواجب تبارك وتعالى ، فهو على بساطته ووحدته وأحديّته تصدق عليه مفاهيم الصفات الجلاليّة والجماليّة. له الأسماء الحسنى والأمثال العليا ، لكنّها بأجمعها حاكية عن ذاك الواحد الفرد الأحد.
عباراتنا شتّى وحسنك واحد |
|
وكلّ إلى ذاك الجمال يشير (٢) |
رابعتها : [الواحد وجودا واحد ماهيّة وذاتا]
انّه لا يكاد يكون للموجود بوجود واحد إلّا ماهيّة واحدة وحقيقة فاردة ، لا يقع في جواب السؤال عن حقيقته بما هو إلّا تلك الماهيّة ؛ فالمفهومان المتصادقان على ذاك لا يكاد يكون كلّ منهما ماهيّة وحقيقة كانت عينه في الخارج ، كما هو شأن الطبيعيّ وفرده ، فيكون الواحد وجودا واحدا ماهيّة وذاتا لا محالة ؛ فالمجمع وإن تصادق عليه متعلّقا الأمر والنهي ، إلّا أنّه كما يكون واحدا وجودا يكون
__________________
(١) وفي بعض النسخ : «ثالثها». والصحيح ما أثبتناه.
(٢) لا يخفى : أنّ غاية ما برهن عليه المصنّف رحمهالله أنّ تعدّد العنوان لا يكشف عن تعدّد المعنون.
ومعلوم أنّ عدم الكشف أعمّ من أن يكون المعنون في الواقع واحدا أو متعدّدا. فلم يبرهن على أنّ المعنون واحد في جميع موارد الاجتماع.
ومن هنا استشكل المحقّق الأصفهانيّ في كليّة هذه الدعوى ، وذهب إلى أنّ تعدّد العنوان قد يستلزم تعدّد المطابق خارجا ، وقد لا يستلزمه ، فإنّ البرهان قد يقوم على استحالة كون الشيء الواحد مطابقا لمفهومين ، فيكونا متقابلين كالعلّيّة والمعلوليّة ؛ وقد لا يقوم عليها ، فلا يمتنع أن يكون الشيء الواحد مطابقا لمفهومين. وهذه المفاهيم إن كان مبدئها في مرتبة الذات فلا يستدعي العنوان ومبدأه مطابقين ، وإن كان في مرتبة متأخّرة عن ذاته فيكون للمبدا وجود مغاير للذات قائم بها ، فيستدعي العنوان ومبدأه مطابقين. نهاية الدراية ١ : ٥٢٩.