عنه وهو فاعله وجاعله (١) ؛ لا ما هو اسمه ـ وهو واضح ـ ؛ ولا ما هو عنوانه ممّا قد انتزع عنه ـ بحيث لو لا انتزاعه تصوّرا واختراعه ذهنا لما كان بحذائه (٢) شيء خارجا ـ ويكون خارج المحمول (٣) كالملكيّة والزوجيّة والرقيّة والحرّيّة والغصبيّة إلى غير ذلك من الاعتبارات والإضافات ، ضرورة أنّ البعث ليس نحوه ، والزجر لا يكون عنه (٤) ، وإنّما يؤخذ في متعلّق الأحكام آلة للحاظ متعلّقاتها والإشارة إليها بمقدار الغرض منها والحاجة إليها ، لا بما هو هو وبنفسه وعلى استقلاله وحياله.
__________________
(١) هكذا في النسخ ، والاولى أن يقول : «وهو ما فاعله وجاعله».
ولا يخفى : أنّ تعلّق الأحكام بفعل المكلّف وما يصدر عنه في الخارج ممنوع ، لأنّه متوقّف على وجوده قبل تعلّق الأحكام ، والبعث إلى إيجاد الموجود تحصيل للحاصل ، كما أنّ الزجر عمّا وجد في الخارج ممتنع. فلا يتعلّق الأحكام بالوجود الخارجيّ.
ولذا استشكل المحقّق الاصفهانيّ في هذه المقدّمة وذهب إلى أنّ متعلّق الأحكام هو العنوان بما هو مرآة للمعنون وفان فيه ، فيكون فناء العنوان في المعنون مصحّحا لتعلّق التكليف به. نهاية الدراية ١ : ٥٢٧ ـ ٥٢٨.
واستشكل فيها السيّد الإمام الخمينيّ أيضا ، وذهب إلى أنّ الأحكام لا يتعلّق بالمعنون بما أنّه موجود في الخارج ، كما لا يتعلّق بالعنوان بما أنّه موجود في الذهن. أمّا الأوّل : فواضح ـ لما مرّ ـ. وأمّا الثاني : فلأنّه غير ممكن الانطباق على الخارج. بل الأحكام تتعلّق بالطبيعة بما هي هي ، وإن كان ظرف تعلّقها بها هو الذهن. فمتعلّق الهيئة في قوله : «صلّ» هو الماهيّة لا بشرط ، ومفاد الهيئة هو البعث والتحريك إلى تحصيلها. مناهج الوصول ٢ : ١٣٠.
وذهب المحقّق النائينيّ إلى أنّ الأحكام تتعلّق بالطبيعة باعتبار مرآتيّتها للوجود الخارجيّ. فوائد الاصول ٢ : ٤٠١.
(٢) أي : بحذاء المعنون.
(٣) والمراد من خارج المحمول في المقام هو ما ينتزع من حاقّ الموضوع ويحمل عليه من دون أن يكون له ما بإزاء في الخارج ، فإنّ عنوان الملكيّة ـ مثلا ـ ينتزع من فعل المكلّف ويحمل عليه من دون أن يكون له ما بإزاء في الخارج.
وقد مرّت الإشارة إلى الفرق بين خارج المحمول والمحمول بالضميمة فيما علّقت على مباحث المشتقّ ، فراجع الجزء الأوّل : ١١٠.
(٤) الضمير في قوله : «نحوه» و «عنه» يرجع إلى العنوان.