الثامن : [ملاك باب الاجتماع]
انّه لا يكاد يكون من باب الاجتماع إلّا إذا كان في كلّ واحد من متعلّقي الإيجاب والتحريم مناط حكمه مطلقا حتّى في مورد التصادق والاجتماع ، كي يحكم على الجواز (١) بكونه (٢) فعلا محكوما بالحكمين ، وعلى الامتناع بكونه محكوما بأقوى المناطين أو بحكم آخر غير الحكمين فيما لم يكن هناك أحدهما أقوى ، كما يأتي تفصيله (٣). وأمّا إذا لم يكن للمتعلّقين مناط كذلك (٤) ، فلا يكون من هذا الباب ، ولا يكون مورد الاجتماع محكوما إلّا بحكم واحد منهما (٥) إذا كان له مناطه ، أو حكم آخر غيرهما فيما لم يكن لواحد منهما ، قيل بالجواز أو الامتناع (٦). هذا بحسب مقام الثبوت.
__________________
ـ بناء على تعلّق الأحكام بالطبائع فواضح. وأمّا بناء على تعلّقها بالأفراد فلأنّ متعلّق الحكم وإن كان هو الفرد ، إلّا أنّه بما كان ذا وجهين كان مجمعا لفردين من طبيعتين موجودين بوجود واحد ، أحدهما متعلّق الأمر والآخر متعلّق النهي ، فلا يلزم اجتماع الضدّين.
ولو قلنا بأنّ تعدّد الوجه لا يستلزم تعدّد المعنون فالاجتماع محال ، حتّى على القول بتعلّقها بالطبائع ، لأنّ الطبيعتين موجودتان بوجود واحد ، والمطلوب هو وجود الطبيعة ، فيلزم اجتماع المتضادّين في واحد ، وهو محال.
(١) أي : على القول بجواز الاجتماع.
(٢) أي : كون مورد التصادق.
(٣) يأتي في الأمر الآتي.
(٤) بأن لم يكن شيء منهما ذا ملاك أو كان الملاك في أحدهما دون الآخر.
(٥) أي : من الحكمين المجعولين لمتعلّقي الأمر والنهي.
(٦) وأورد عليه السيّد الخوئيّ ـ تبعا لاستاذه المحقّق النائينيّ ـ بما حاصله : أنّ اعتبار ثبوت الملاك في متعلّقي الإيجاب والتحريم يوجب اختصاص النزاع بمذهب الإماميّة القائلين بتبعيّة الأحكام للملاكات الواقعيّة ـ من المصالح والمفاسد ـ ، ومعلوم أنّ البحث عن جواز الاجتماع وامتناعه لا يختصّ بمذهب الإماميّة ، بل يعمّ جميع المذاهب حتّى مذهب الأشعريّ المنكر لتبعيّة الأحكام للملاكات الواقعيّة ، ضرورة أنّ المجمع لمتعلّقي الأمر والنهي إن كان واحدا وجودا وماهيّة فلا مناص من القول بالامتناع حتّى على مذهب الأشعريّ ، لأنّه من التكليف المحال ، وإن كان متعدّدا فلا مناص من القول بالجواز ، بلا فرق بين تبعيّة الأحكام للملاكات الواقعيّة وعدم تبعيّتها لها. المحاضرات ٤ : ٢٠٣ ـ ٢٠٥ ، أجود التقريرات ١ : ٣٥٦.