فلا بدّ من حمل قول من حكى عنهم السيّد المنع ، إمّا على ما ذكرنا : من إرادة دفع أخبار المخالفين التي لا يمكنهم ردّها بفسق الراوي ، وإمّا على ما ذكره الشيخ : من كونهم جماعة معلومي النسب لا يقدح مخالفتهم بالإجماع.
الجمع بوجه آخر
ويمكن الجمع بينهما بوجه آخر (١) ، وهو : أنّ مراد السيّد قدسسره من العلم الذي ادّعاه في صدق الأخبار هو مجرّد الاطمئنان ؛ فإنّ المحكيّ عنه قدسسره في تعريف العلم : أنّه ما اقتضى سكون النفس (٢) ، وهو الذي ادّعى بعض الأخباريّين (٣) : أنّ مرادنا بالعلم بصدور الأخبار هو هذا المعنى ، لا اليقين الذي لا يقبل الاحتمال رأسا.
فمراد الشيخ من تجرّد هذه الأخبار عن القرائن : تجرّدها عن القرائن الأربع التي ذكرها أوّلا ، وهي موافقة الكتاب أو السنّة أو الإجماع أو دليل العقل ، ومراد السيّد من القرائن التي ادّعى في عبارته المتقدّمة (٤) احتفاف أكثر الأخبار بها : هي الامور (٥) الموجبة للوثوق بالراوي أو بالرواية ، بمعنى سكون النفس بهما وركونها إليهما ، وحينئذ فيحمل إنكار الإماميّة للعمل بخبر الواحد على إنكارهم للعمل به تعبّدا ، أو (٦) لمجرّد حصول رجحان بصدقه على ما يقوله المخالفون.
__________________
(١) في (ر) و (ص) ونسخة بدل (ت) بدل «آخر» : «أحسن».
(٢) الذريعة ١ : ٢٠.
(٣) وهو المحدّث البحراني في الدرر النجفيّة : ٦٣.
(٤) في الصفحة ٣٢٣.
(٥) في (ت) ، (ص) و (ه) زيادة : «الخارجيّة» ، وفي (ظ) زيادة : «الخارجة».
(٦) في (م) : «و».