تخصيص العامّ بمفهوم المخالفة ؛ لاختصاص ذلك ـ أوّلا ـ بالمخصّص المنفصل ، ولو سلّم جريانه في الكلام الواحد منعناه في العلّة والمعلول ؛ فإنّ الظاهر عند العرف أنّ المعلول يتبع العلّة في العموم والخصوص.
فالعلّة تارة تخصّص مورد المعلول وإن كان عامّا بحسب اللفظ ، كما في قول القائل : «لا تأكل الرمّان ؛ لأنّه حامض» ، فيخصّصه بالأفراد الحامضة ، فيكون عدم التقييد في الرمّان لغلبة (١) الحموضة فيه.
وقد توجب عموم المعلول وإن كان بحسب الدلالة اللفظيّة خاصّا ، كما في قول القائل : «لا تشرب الأدوية التي تصفها لك النسوان» ، أو «إذا وصفت لك امرأة دواء فلا تشربه ؛ لأنّك لا تأمن ضرره» ، فيدلّ على أنّ الحكم عامّ في كلّ دواء لا يؤمن ضرره من أيّ واصف كان ، ويكون تخصيص النسوان بالذكر من بين الجهّال لنكتة خاصّة أو عامّة لاحظها المتكلّم.
وما نحن فيه من هذا القبيل ، فلعلّ النكتة فيه التنبيه على فسق الوليد ، كما نبّه عليه في المعارج (٢).
وهذا الإيراد مبنيّ على أنّ المراد بالتبيّن هو التبيّن العلميّ كما هو مقتضى اشتقاقه.
ويمكن أن يقال : إنّ المراد منه ما يعمّ الظهور العرفيّ الحاصل من الاطمئنان الذي هو مقابل الجهالة ، وهذا وإن كان يدفع الإيراد المذكور عن المفهوم ؛ من حيث رجوع الفرق بين الفاسق والعادل في وجوب
__________________
(١) في (ظ) ، (ص) ، (ل) و (م) : «لعلّة».
(٢) معارج الاصول : ١٤٦.