الخاصّ؟ فالنزاع يكون في ثبوت النهي المولويّ عن الضدّ بعد فرض ثبوت الأمر بالشيء ، وبعد فرض ثبوت النهي فهناك نزاع آخر في كيفيّة إثبات ذلك.
وعلى كلّ حال ، فإنّ مسألتنا ـ كما قلنا ـ تنحلّ إلى مسألتين : إحداهما : في الضدّ العامّ. والثانية : في الضدّ الخاصّ ، فينبغي البحث عنهما في بابين :
١. الضدّ العامّ
لم يكن اختلافهم في الضدّ العامّ من جهة أصل الاقتضاء وعدمه ، فإنّ الظاهر أنّهم متّفقون على الاقتضاء ، وإنّما اختلافهم في كيفيّته (١) :
فقيل (٢) : إنّه على نحو العينيّة ، أي إنّ الأمر بالشيء عين النهي عن ضدّه العامّ ، فيدلّ عليه حينئذ بالدلالة المطابقيّة.
وقيل (٣) : إنّه على نحو الجزئيّة ، فيدلّ عليه بالدلالة التضمّنيّة ، باعتبار أنّ الوجوب ينحلّ إلى طلب الشيء مع المنع من الترك ، فيكون المنع من الترك جزءا تحليليّا في معنى الوجوب.
وقيل : إنّه على نحو اللزوم البيّن بالمعنى الأخصّ (٤) ، فيدلّ عليه بالدلالة الالتزاميّة (٥).
وقيل (٦) : إنّه على نحو اللزوم البيّن بالمعنى الأعمّ ، أو غير البيّن ، فيكون اقتضاؤه له
__________________
(١) هذا ما ادّعاه صاحب المعالم في معالم الدين : ٧١ والشهيد الصدر في الحلقات ٢ : ٢٧٩. ولكن لا أصل له ، حيث ذهب بعض القدماء إلى عدم الاقتضاء رأسا ، كالسيّد المرتضى في الذريعة إلى أصول الشريعة ١ : ٨٥ ـ ٨٨ ، والعضديّ في شرحه على مختصر الأصول ١ : ١٩٩ ؛ بل هو المنسوب إلى العميديّ وجمهور المعتزلة وبعض الأشاعرة كما في نهاية السئول ١ : ٢٢٦ ـ ٢٢٧.
(٢) والقائل صاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ٩٢.
(٣) والقائل صاحب المعالم في معالم الدين : ٧٠ و ٧٢.
(٤) أي نفس تصوّر الإلزام يوجب تصوّر المنع من الترك.
(٥) وهذا ما ذهب إليه المحقّق النائينيّ في فوائد الأصول ١ : ٣٠٣. وهو الظاهر أيضا من المحقّق الخراسانيّ في الكفاية : ١٦٥ ، والمحقّق العراقيّ في نهاية الأفكار ١ : ٣٧٧.
(٦) والقائل هو المحقّق القمي في قوانين الأصول ١ : ١٠٨ و ١١٣. واختاره العلاّمة النراقيّ في مناهج الأحكام والأصول : ٦١.