لأنّه ليس معناه إلاّ أخذه قيدا في المأمور به على أن تكون الحصّة الخاصّة من المأمور به هي المطلوبة. وكما يجوز ذلك في الأمر السابق والمقارن فإنّه يجوز في اللاحق بلا فرق. نعم ، إذا رجع الشرط الشرعيّ إلى شرط واقعيّ ، كرجوع شرط الغسل الليليّ للمستحاضة إلى أنّه رافع للحدث في النهار ، فإنّه يكون حينئذ واضح الاستحالة ، كالشرط الواقعيّ بلا فرق.
وسرّ ذلك أنّ المطلوب لمّا كان هو الحصّة الخاصّة من طبيعيّ المأمور به ، فوجود القيد المتأخّر لا شأن له إلاّ الكشف عن وجود تلك الحصّة في ظرف كونها مطلوبة. ولا محذور في ذلك ، إنّما المحذور في تأثير المتأخّر في المتقدّم.
وأمّا : في شرط الحكم ، سواء كان الحكم تكليفيّا أم وضعيّا ، فإنّ الشرط فيه معناه أخذه مفروض الوجود والحصول في مقام جعل الحكم وإنشائه ، وكونه مفروض الوجود لا يفرق فيه بين أن يكون متقدّما ، أو مقارنا ، أو متأخّرا ، كأن يجعل الحكم في الشرط المتأخّر على الموضوع المقيّد بقيد أخذ مفروض الوجود بعد وجود الموضوع.
ويتقرّب ذلك إلى الذهن بقياسه على الواجب المركّب التدريجيّ الحصول ، فإنّ التكليف في فعليّته في الجزء الأوّل وما بعده يبقى مراعى إلى أن يحصل الجزء الأخير من المركّب ، وقد بقيت ـ إلى حين حصول كمال الأجزاء ـ شرائط التكليف من الحياة والقدرة ونحوهما.
وهكذا يفرض الحال فيما نحن فيه ، فإنّ الحكم في الشرط المتأخّر يبقى في فعليّته مراعى إلى أن يحصل الشرط الذي أخذ مفروض الحصول ، فكما أنّ الجزء الأوّل من المركّب التدريجيّ الواجب في فرض حصول جميع الأجزاء يكون واجبا وفعليّ الوجوب من أوّل الأمر ، لا أنّ فعليّته تكون بعد حصول جميع الأجزاء ، وكذا باقي الأجزاء لا تكون فعليّة وجوبها بعد حصول الجزء الأخير ، بل حين حصولها ولكن في فرض حصول الجميع ، فكذلك [في] ما نحن فيه يكون الواجب المشروط بالشرط المتأخّر فعليّ الوجوب من أوّل الأمر في فرض حصول الشرط في ظرفه ، لا أنّ فعليّته تكون متأخّرة إلى حين الشرط.»