يخالف الأوّل في الرأي بما يوجب فساد الأعمال السابقة.
فنقول في هذه الأحوال :
إنّه بعد قيام الحجّة المعتبرة اللاحقة بالنسبة إلى المجتهد أو المقلّد لا إشكال في وجوب الأخذ بها في الوقائع اللاحقة غير المرتبطة بالوقائع السابقة.
ولا إشكال ـ أيضا ـ في مضيّ الوقائع السابقة التي لا يترتّب عليها أثر أصلا في الزمن اللاحق.
وإنّما الإشكال في الوقائع اللاحقة المرتبطة بالوقائع السابقة ، مثل ما لو انكشف الخطأ اجتهادا أو تقليدا في وقت العبادة ، وقد عمل بمقتضى الحجّة السابقة ، أو انكشف الخطأ في خارج الوقت ، وكان عمله ممّا يقضى ، كالصلاة ، ومثل ما لو تزوّج زوجة بعقد غير عربيّ اجتهادا أو تقليدا ، ثمّ قامت الحجّة عنده على اعتبار اللفظ العربيّ ، والزوجة لا تزال موجودة.
فإنّ المعروف في الموضوعات الخارجيّة عدم الإجزاء (١).
أمّا في الأحكام : فقد قيل بقيام الإجماع على الإجزاء ، لا سيّما في الأمور العباديّة ، كالمثال الأوّل المتقدّم. (٢) ولكنّ العمدة في الباب أن نبحث عن القاعدة ما ذا تقتضي هنا؟
هل تقتضي الإجزاء أو لا تقتضيه؟ والظاهر أنّها لا تقتضي الإجزاء.
وخلاصة ما ينبغي أن يقال : إنّ من يدّعي الإجزاء لا بدّ أن يدّعي أنّ المكلّف لا يلزمه في الزمان اللاحق إلاّ العمل على طبق الحجّة الأخيرة التي قامت عنده. وأمّا : عمله السابق فقد كان على طبق حجّة ماضية عليه في حينها.
ولكن يقال له : إنّ التبدّل الذي حصل له ، إمّا أن يدّعى أنّه تبدّل في الحكم الواقعيّ أو
__________________
(١) ذهب إليه الشيخ الأنصاريّ ونقله عن محكيّ النهاية ، والتهذيب ، والمختصر وشروحه ، وشرح المنهاج.
مطارح الأنظار : ٢٨.
(٢) والقائل هو المحقّق محمد تقي الأصفهانيّ صاحب هداية المسترشدين ، فإنّه قال : «وإن بلغ اجتهاده الثاني إلى حدّ الظنّ ... فظاهر المذهب عدم وجوب الإعادة والقضاء للعبادات الواقعة منه ومن مقلّديه». هداية المسترشدين : ٤٩٠.