الواقع ، غاية الأمر أنّ المكلّف معها معذور عند الخطأ وشأنها في ذلك شأن الأمارة في الأحكام.
والسرّ في حملها على «الطريقيّة» ، هو أنّ الدليل الذي دلّ على حجّيّة الأمارة في الأحكام هو نفسه دلّ على حجّيّتها في الموضوعات بلسان واحد في الجميع ، لا أنّ القول بالموضوعيّة هنا يقتضي محذور التصويب المجمع على بطلانه عند الإماميّة ، كالأمارة في الأحكام. (١)
وعليه ، فالأمارة في الموضوعات أيضا لا تقتضي الإجزاء بلا فرق بينها وبين الأمارة في الأحكام.
٢. الإجزاء في الأصول مع انكشاف الخطأ يقينا
لا شكّ في أنّ العمل بالأصل إنّما يصحّ إذا فقد المكلّف الدليل الاجتهاديّ على الحكم. فيرجع إليه باعتبار أنّه وظيفة للجاهل لا بدّ منها للخروج من الحيرة.
فالأصل ـ في حقيقته ـ وظيفة للجاهل الشاكّ ينتهي إليه في مقام العمل ؛ إذ لا سبيل له غير ذلك لرفع الحيرة ، وعلاج حالة الشكّ.
ثمّ إنّ الأصل على قسمين :
١. أصل عقليّ : والمراد منه ما يحكم به العقل ، ولا يتضمّن جعل حكم ظاهريّ من الشارع ، كالاحتياط ، وقاعدة التخيير ، والبراءة العقليّة التي مرجعها إلى حكم العقل بنفي العقاب بلا بيان ، فهي لا مضمون لها إلاّ رفع العقاب ، لا جعل حكم بالإباحة من الشارع.
٢. أصل شرعيّ : وهو المجعول من الشارع في مقام الشكّ والحيرة ، فيتضمّن جعل حكم ظاهريّ ، كالاستصحاب والبراءة الشرعيّة التي مرجعها إلى حكم الشارع بالإباحة ، ومثلها أصالة الطهارة والحلّيّة.
إذا عرفت ذلك فنقول :
أوّلا : إنّ بحث الإجزاء لا يتصوّر في قاعدة الاحتياط مطلقا ، سواء كانت عقليّة أو
__________________
(١) هكذا قال المحقّق النائينيّ على ما في أجود التقريرات ١ : ٣٠٠.