اللفظ مجملا ؛ إذ يتعذّر نفي الحقيقة.
أقول : والصحيح في توجيه البحث أن يقال : إنّ «لا» في هذه المركّبات لنفي الجنس ، فهي تحتاج إلى اسم وخبر على حسب ما تقتضيه القواعد النحويّة ؛ ولكنّ الخبر محذوف حتّى في مثل : «لا غيبة لفاسق» ، فإنّ «لفاسق» ظرف مستقرّ متعلّق بالخبر المحذوف ؛ وهذا الخبر المحذوف لا بدّ له من قرينة ، سواء كان كلمة «موجود» أو «صحيح» أو «مفيد» أو «كامل» أو «نافع» أو نحوها ، وليس هو مجازا في واحد من هذه الأمور التي يصحّ تقديرها.
والقصد أنّه سواء كان المراد نفي الحقيقة أو نفي الصحّة ونحوها ؛ فإنّه لا بدّ من تقدير خبر محذوف بقرينة ، وإنّما يكون مجملا إذا تجرّد عن القرينة ؛ ولكنّ الظاهر أنّ القرينة حاصلة على الأكثر ، وهي القرينة العامّة في مثله ؛ فإنّ الظاهر من نفي الجنس أنّ المحذوف فيه هو لفظ «موجود» وما بمعناه من نحو لفظ «ثابت» و «متحقّق».
فإذا تعذّر تقدير هذا اللفظ العامّ لأيّ سبب كان ، فإنّ هناك قرينة موجودة غالبا وهي مناسبة الحكم والموضوع ؛ فإنّها تقتضي غالبا تقدير لفظ خاصّ مناسب مثل «لا علم إلاّ بعمل» ؛ فإنّ المفهوم منه أنّه لا علم نافع (١) ، والمفهوم من نحو : «لا غيبة لفاسق» لا غيبة محرّمة ، والمفهوم من نحو : «لا رضاع بعد فطام (٢)» لا رضاع سائغ ، ومن نحو : «لا جماعة في نافلة (٣)» لا جماعة مشروعة ، ومن نحو : «لا إقرار لمن أقرّ بنفسه على الزنا» لا إقرار نافذ ومعتبر ، ومن نحو : «لا صلاة إلاّ بطهور» ـ بناء على الوضع للأعمّ ـ لا صلاة صحيحة ، ومن نحو : «لا صلاة لحاقن (٤)» لا صلاة كاملة ـ بناء على قيام الدليل على أنّ الحاقن لا تفسد صلاته ـ ... وهكذا.
وهذه القرينة ـ وهي قرينة مناسبة الحكم للموضوع ـ لا تقع تحت ضابطة معيّنة ، ولكنّها
__________________
(١) يجوز في نعت اسم «لا» التي لنفي الجنس الرفع والنصب.
(٢) الكافي ٥ : ٤٤٣.
(٣) الوسائل ٥ : ١٨٢ ، الباب ٧ من ابواب نافلة شهر رمضان.
(٤) الوسائل ٤ : ١٢٥٤ ، الباب ٨ من أبواب قواطع الصلاة ، الحديث : ٢ و ٥.