٢. المخصّص المتّصل والمنفصل
إنّ تخصيص العامّ على نحوين :
١. أن يقترن به مخصّصه في نفس الكلام الواحد الملقى من المتكلّم ، كقولنا : «أشهد أن لا إله إلاّ الله». ويسمّى : «المخصّص المتّصل» ، فيكون قرينة على إرادة ما عدا الخاصّ من العموم. وتلحق به ـ بل هي منه ـ القرينة الحاليّة المكتنف بها الكلام الدالّة على إرادة الخصوص على وجه يصحّ تعويل المتكلّم عليها في بيان مراده.
٢. ألاّ يقترن به مخصّصه في نفس الكلام ، بل يرد في كلام آخر مستقلّ قبله أو بعده. ويسمّى : «المخصّص المنفصل» ، فيكون أيضا قرينة على إرادة ما عدا الخاصّ من العموم ، كالأوّل.
فإذن لا فرق بين القسمين من ناحية القرينة على مراد المتكلّم ، وإنّما الفرق بينهما من ناحية أخرى ، وهي ناحية انعقاد الظهور في العموم ، ففي المتّصل لا ينعقد للكلام ظهور إلاّ في الخصوص ، وفي المنفصل ينعقد ظهور العامّ في عمومه ، غير أنّ الخاصّ ظهوره أقوى ، فيقدّم عليه من باب تقديم الأظهر على الظاهر أو النصّ على الظاهر.
والسرّ في ذلك أنّ الكلام مطلقا ـ العامّ وغيره ـ لا يستقرّ له الظهور ولا ينعقد إلاّ بعد الانتهاء منه والانقطاع عرفا على وجه لا يبقى بحسب العرف مجال لإلحاقه بضميمة تصلح لأن تكون قرينة تصرفه عن ظهوره الابتدائيّ الأوّليّ ، وإلاّ فالكلام ما دام متّصلا عرفا فإنّ ظهوره مراعى ، فإن انقطع من دون ورود قرينة على خلافه استقرّ ظهوره الأوّل ، وانعقد الكلام عليه ، وإن لحقته القرينة الصارفة تبدّل ظهوره الأوّل إلى ظهور آخر حسب دلالة القرينة ، وانقعد حينئذ على الظهور الثاني. ولذا لو كانت القرينة مجملة أو إن وجد في الكلام ما يحتمل أن يكون قرينة أوجب ذلك عدم انعقاد الظهور الأوّل ، ولا ظهور آخر ، فيعود الكلام برمّته مجملا.
هذا من ناحية كلّيّة في كلّ كلام. ومقامنا من هذا الباب ؛ لأنّ المخصّص ـ كما قلنا ـ من قبيل القرينة الصارفة ، فالعامّ له ظهور ابتدائيّ ـ أو بدويّ ـ في العموم ، فيكون مراعى