الثاني : مفهوم الوصف
موضوع البحث
المقصود بالوصف هنا ما يعمّ النعت وغيره ، فيشمل الحال والتمييز ونحوهما ممّا يصلح أن يكون قيدا لموضوع التكليف ؛ كما أنّه يختصّ بما إذا كان معتمدا على موصوف (١) ، فلا يشمل ما إذا كان الوصف نفسه موضوعا للحكم ، نحو : ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما﴾ (٢) فإنّ مثل هذا يدخل في باب مفهوم اللقب (٣). والسرّ في ذلك أنّ الدلالة على انتفاء [الحكم عند انتفاء] الوصف لا بدّ فيها من فرض موضوع ثابت للحكم يقيّد بالوصف مرّة ، ويتجرّد عنه أخرى ، حتّى يمكن فرض نفي الحكم عنه.
ويعتبر ـ أيضا ـ في المبحوث عنه هنا أن يكون أخصّ من الموصوف مطلقا أو من وجه ؛ لأنّه لو كان مساويا ، أو أعمّ مطلقا لا يوجب تضييقا وتقييدا في الموصوف ، حتّى يصحّ فرض انتفاء الحكم عن الموصوف عند انتفاء الوصف.
وأمّا دخول الأخصّ من وجه في محلّ البحث فإنّما هو بالقياس إلى مورد افتراق الموصوف عن الوصف ، ففي مثال : «في الغنم السائمة زكاة» (٤) يكون مفهومه ـ لو كان له مفهوم ـ عدم وجوب الزكاة في الغنم غير السائمة وهي المعلوفة. وأمّا بالقياس إلى مورد افتراق الوصف عن الموصوف فلا دلالة له على المفهوم قطعا ، فلا يدلّ المثال على عدم الزكاة في غير الغنم السائمة أو غير السائمة كالإبل ـ مثلا ـ ؛ لأنّ الموضوع ـ وهو الموصوف الذي هو الغنم في المثال ـ يجب أن يكون محفوظا في المفهوم ، ولا يكون متعرّضا لموضوع آخر ، ولا نفيا ولا إثباتا.
__________________
(١) وهذا ما ذهب إليه المحقّق النائينيّ في فوائد الأصول ٢ : ٥٠١ ، وأجود التقريرات ٢ : ٢٧٥.
(٢) المائدة (٥) الآية : ٣٨.
(٣) خلافا للشيخ الأنصاريّ وصاحب الفصول ، فإنّ الظاهر من عباراتهم أنّ موضوع البحث لا يختصّ بما إذا اعتمد الوصف على الموصوف ، بل يعمّ ما إذا كان الحكم محمولا على الوصف. راجع مطارح الأنظار : ١٨٤ ، والفصول الغرويّة : ١٥١.
(٤) عوالي اللئالئ ١ : ٣٩٩.