فما عن بعض الشافعيّة (١) من القول بدلالة القضيّة المذكورة (٢) على عدم الزكاة في الإبل المعلوفة لا وجه له قطعا.
الأقوال في المسألة والحقّ فيها
لا شكّ في دلالة التقييد بالوصف على المفهوم عند وجود القرينة الخاصّة ، ولا شكّ في عدم الدلالة عند وجود القرينة على ذلك ، مثل ما إذا ورد الوصف مورد الغالب الذي يفهم منه عدم إناطة الحكم به وجودا وعدما ، نحو قوله (تعالى) : ﴿وَرَبائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾ (٣) ؛ فإنّه لا مفهوم لمثل هذه القضيّة مطلقا ؛ إذ يفهم منه أنّ وصف الربائب بأنّها في حجوركم لأنّها غالبا تكون كذلك ، والغرض منه الإشعار بعلّة الحكم ؛ إذ أنّ اللاّئي تربّى في الحجور تكون كالبنات.
وإنّما الخلاف عند تجرّد القضيّة عن القرائن الخاصّة ، فإنّهم اختلفوا في أنّ مجرّد التقييد بالوصف هل يدلّ على المفهوم ـ أي انتفاء حكم الموصوف عند انتفاء الوصف ـ أو لا يدلّ؟ نظير الاختلاف المتقدّم في التقييد بالشرط. وفي المسألة قولان : والمشهور القول الثاني ، وهو عدم المفهوم (٤).
والسرّ في الخلاف يرجع إلى أنّ التقييد المستفاد من الوصف هل هو تقييد لنفس الحكم ـ أي إنّ الحكم منوط به ـ أو أنّه تقييد لنفس موضوع الحكم أو متعلّق الموضوع باختلاف الموارد ، فيكون الموضوع أو متعلّق الموضوع هو المجموع المؤلّف من الموصوف والوصف؟
فإن كان الأوّل فإنّ التقييد بالوصف يكون ظاهرا في انتفاء الحكم عند انتفائه بمقتضى
__________________
(١) نقل عنهم في اللمع : ٤٦ ، والمنخول : ٢٢٢.
(٢) أي قوله عليهالسلام : «في الغنم السائمة زكاة».
(٣) النساء (٤) الآية : ٢٣.
(٤) نسبه الشيخ الأنصاريّ إلى المشهور. راجع مطارح الأنظار : ١٨٢. والقول الأوّل نسب إلى ظاهر كلام الشيخ ـ من الإماميّة ـ والشافعي ومالك وأكثر أصحابهما ـ من العامّة ـ. راجع الفصول الغرويّة : ١٥١ ؛ والمستصفى ٢ : ١٩١.