٣. وأمّا دلالتها على أنّ الشرط منحصر ، فبالإطلاق ؛ لأنّه لو كان هناك شرط آخر للجزاء بديل لذلك الشرط ، وكذا لو كان معه شيء آخر يكونان معا شرطا للحكم ، لاحتاج ذلك إلى بيان زائد إمّا بالعطف بـ «أو» في الصورة الأولى ، أو العطف بالواو في الصورة الثانية ؛ لأنّ الترتّب على الشرط ظاهر في أنّه بعنوانه الخاصّ مستقلاّ هو الشرط المعلّق عليه الجزاء ، فإذا أطلق تعليق الجزاء على الشرط فإنّه يستكشف منه أنّ الشرط مستقلّ لا قيد آخر معه ، وأنّه منحصر لا بديل ، ولا عدل له ، وإلاّ لوجب على الحكيم بيانه وهو ـ حسب الفرض ـ في مقام البيان. وهذا نظير ظهور صيغة «افعل» بإطلاقها في الوجوب العينيّ والتعيينيّ (١).
وإلى هنا تمّ لنا ما أردنا أن نذهب إليه من ظهور الجملة الشرطية في الأمور التي بها تكون ظاهرة في المفهوم.
وعلى كلّ حال ، إنّ ظهور الجملة الشرطيّة في المفهوم ممّا لا ينبغي أن يتطرّق إليه الشكّ ، إلاّ مع قرينة صارفة ، أو تكون واردة لبيان الموضوع. ويشهد لذلك استدلال إمامنا الصادق عليهالسلام بالمفهوم في رواية أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الشاة تذبح فلا تتحرّك ويهراق منها دم كثير عبيط؟ فقال عليهالسلام : «لا تأكل إنّ عليّا عليهالسلام كان يقول : إذا ركضت الرّجل أو طرفت العين فكل» (٢) ، فإنّ استدلال الإمام بقول عليّ عليهالسلام لا يكون إلاّ إذا كان له مفهوم ، وهو إذا لم تركض الرّجل أو لم تطرف العين فلا تأكل.
إذا تعدّد الشرط واتّحد الجزاء
ومن لواحق مبحث «مفهوم الشرط» مسألة ما إذا وردت جملتان شرطيّتان أو أكثر ، وقد تعدّد الشرط فيهما وكان الجزاء واحدا. وهذا يقع على نحوين :
١. أن يكون الجزاء غير قابل للتكرار ، نحو التقصير في السفر فيما ورد «إذا خفي الأذان
__________________
(١) هذا ما أفاده المحقّق النائينيّ في فوائد الأصول ٢ : ٤٨١ ـ ٤٨٣. واستدلّ الأعلام بوجوه أخر على العليّة المنحصرة ، فراجع الفصول الغرويّة : ١٤٧ ـ ١٤٨ ، وكفاية الأصول : ٢٣٣ ، ونهاية الأفكار ٢ : ٤٨٢.
(٢) الوسائل ١٦ : ٣٢١ ، الباب ١٢ من أبواب الذبائح ، الحديث ١.