ويتعيّن أحدهما بالقرينة. والهيئة إذا كانت موضوعة للجامع بين الظرفين فهذا الجامع يكفي في صحّة الوضع له ، وتعميمه لما تلبّس بالمبدإ وما انقضى عنه أن يكون أحد فرديه يمكن أن يتصوّر فيه انقضاء المبدأ وبقاء الذات.
والخلاصة : أنّ النزاع حينئذ يكون في وضع أصل الهيئة التي تصلح للزمان والمكان ، لا لخصوص اسم الزمان. ويكفي في صحّة الوضع للأعمّ إمكان الفرد المنقضي عنه المبدأ في أحد أقسامه ، وإن امتنع الفرد الآخر.
٣. اختلاف المشتقّات من جهة المبادئ
وقد يتوهّم بعضهم (١) أنّ النزاع هنا لا يجري في بعض المشتقّات الجارية على الذات ، مثل النجّار والخيّاط والطبيب والقاضي ، ونحو ذلك ممّا كان للحرف والمهن ، بل في هذه من المتّفق عليه أنّه موضوع للأعمّ. ومنشأ الوهم أنّا نجد صدق هذه المشتقّات حقيقة على من انقضى عنه التلبّس بالمبدإ ـ من غير شكّ ـ ، وذلك نحو صدقها على من كان نائما ـ مثلا ـ مع أنّ النائم غير متلبّس بالنجارة فعلا ، أو الخياطة ، أو الطبابة ، أو القضاء ، ولكنّه كان متلبّسا بها في زمان مضى. وكذلك الحال في أسماء الآلة ، كالمنشار والمقود والمكنسة ؛ فإنّها تصدق على ذواتها حقيقة مع عدم التلبّس بمبادئها.
والجواب عن ذلك : أنّ هذا التوهّم منشؤه الغفلة عن معنى المبدأ المصحّح لصدق المشتقّ ، فإنّه يختلف باختلاف المشتقّات ؛ لأنّه تارة يكون من الفعليّات ، وأخرى من الملكات ، وثالثة من الحرف والصناعات. مثلا : اتّصاف زيد بأنّه قائم إنّما يتحقّق إذا تلبّس بالقيام فعلا ؛ لأنّ القيام يؤخذ على نحو الفعليّة مبدأ لوصف «قائم» ، ويفرض الانقضاء بزوال فعليّة القيام عنه. وأمّا اتّصافه بأنّه عالم بالنحو أو أنّه قاضي البلد : فليس بمعنى أنّه يعلم ذلك فعلا ، أو أنّه مشغول بالقضاء بين الناس فعلا ، بل بمعنى أنّ له ملكة العلم أو منصب القضاء ، فما دامت الملكة أو الوظيفة موجودتين (٢) فهو متلبّس بالمبدإ حالا وإن كان
__________________
(١) وهو الفاضل التونيّ على ما في بدائع الأفكار «الرشتيّ» : ١٧٨ ، وحاشية قوانين الأصول ١ : ٧٨.
(٢) كذا. والأولى : «موجودة» لمكان «أو».