تارة وبالعدم أخرى. فهذا عقد البيع ـ مثلا ـ إمّا أن يكون واجدا لجميع ما هو معتبر في صحّة العقد أو لا ، فإن كان الأوّل اتّصف بالصحّة ، وإن كان الثاني اتّصف بالفساد. ولكن الملكيّة المسبّبة للعقد يدور أمرها بين الوجود والعدم ؛ لأنّها توجد عند صحّة العقد ، وعند فساده لا توجد أصلا ، لا أنّها توجد فاسدة. فإذا أريد من البيع نفس المسبّب ـ وهو الملكيّة المنتقلة إلى المشتري ـ فلا تتّصف بالصحّة والفساد حتّى يمكن تصوير النزاع فيها (١).
٢. لا ثمرة للنزاع في المعاملات إلاّ في الجملة
قد عرفت أنّه على القول بوضع ألفاظ «العبادات» للصحيحة لا يصحّ التمسّك بالإطلاق عند الشكّ في اعتبار شيء فيها جزءا كان أو شرطا ؛ لعدم إحراز صدق الاسم على الفاقد له. وإحراز صدق الاسم على الفاقد شرط في صحّة التمسّك بالإطلاق.
إلاّ أنّ هذا الكلام لا يجري في ألفاظ «المعاملات» ؛ لأنّ معانيها غير مستحدثة ، والشارع بالنسبة إليها كواحد من أهل العرف ، فإذا استعمل أحد ألفاظها فيحمل لفظه على معناه الظاهر فيه عندهم إلاّ إذا نصب قرينة على خلافه.
فإذا شككنا في اعتبار شيء عند الشارع في صحّة البيع ـ مثلا ـ ولم ينصب قرينة على ذلك في كلامه ، فإنّه يصحّ التمسّك بإطلاقه لدفع هذا الاحتمال ، حتّى لو قلنا بأنّ ألفاظ المعاملات موضوعة للصحيح ؛ لأنّ المراد من الصحيح هو الصحيح عند العرف العامّ ، لا عند الشارع. فإذا اعتبر الشارع قيدا زائدا على ما يعتبره العرف كان ذلك قيدا زائدا على أصل معنى اللفظ ، فلا يكون دخيلا في صدق عنوان المعاملة الموضوعة ـ حسب الفرض ـ للصحيح على المصداق المجرّد عن القيد. وحالها في ذلك حال ألفاظ العبادات لو كانت موضوعة للأعمّ.
__________________
(١) هذا ما قال به المحقّق الخراسانيّ في كفاية الأصول : ٤٩. ووافقه المحقّق الحائريّ في درر الفوائد ١ : ٢٥ ، والمحقّق الأصفهانيّ في نهاية الدراية ١ : ٨٩. وخالفه العلاّمة العراقيّ في نهاية الأفكار ١ : ٩٧ ـ ٩٨ ، والسيد الإمام الخمينيّ في مناهج الوصول ١ : ١٧٠ ، والسيد الخوئيّ في المحاضرات ١ : ١٩٥ ، فإنّهم قالوا بدخولها في محلّ النزاع وإن كانت موضوعة للمسبّبات.