استعماله عنده أحقيقة كان أم مجازا. كما أنّه لو علم أنّها كانت حقيقة في الأعمّ في عرفهم ، كان ذلك أمارة على كون المستعمل فيه في لسانه هو الأعمّ أيضا ، وإن كان استعماله على نحو المجاز.
الثانية : أنّ المراد من الصحيحة من العبادة أو المعاملة هي التي تمّت أجزاؤها وكملت شروطها. والصحيح إذن معناه تامّ الأجزاء والشرائط (١). فالنزاع يرجع هنا إلى أنّ الموضوع له خصوص تامّ الأجزاء والشرائط من العبادة أو المعاملة ، أو الأعمّ منه ومن الناقص؟
الثالثة : أنّ ثمرة النزاع هي صحّة رجوع القائل بالوضع للأعمّ ـ المسمّى ب : «الأعمّي» ـ إلى أصالة الإطلاق ، دون القائل بالوضع للصحيح ـ المسمّى ب : «الصحيحيّ» ـ فإنّه لا يصحّ له الرجوع إلى أصالة إطلاق اللفظ.
توضيح ذلك أنّ المولى إذا أمرنا بإيجاد شيء وشككنا في حصول امتثاله بالإتيان بمصداق خارجيّ فله صورتان يختلف الحكم فيهما :
١. أن يعلم صدق عنوان المأمور به على ذلك المصداق ، ولكن يحتمل دخل قيد زائد في غرض المولى غير متوفّر في ذلك المصداق ، كما إذا أمر المولى بعتق رقبة ، فإنّه يعلم بصدق عنوان المأمور به على [إعتاق] الرقبة الكافرة ، ولكن يشكّ في دخل وصف الإيمان في غرض المولى ، فيحتمل أن يكون قيدا للمأمور به.
فالقاعدة في مثل هذا الرجوع إلى أصالة الإطلاق في نفي اعتبار القيد المحتمل اعتباره ، فلا يجب تحصيله ، بل يجوز الاكتفاء في الامتثال بالمصداق المشكوك ، فيمتثل في المثال لو أعتق رقبة كافرة.
٢. أن يشكّ في صدق نفس عنوان المأمور به على ذلك المصداق الخارجيّ ، كما إذا أمر المولى بالتيمّم بالصعيد ولا ندري أنّ ما عدا التراب هل يسمّى صعيدا أو لا؟ فيكون شكّنا في صدق الصعيد على غير التراب. وفي مثله لا يصحّ الرجوع إلى أصالة الإطلاق لإدخال المصداق المشكوك في عنوان المأمور به ليكتفى به في مقام الامتثال ، بل لا بدّ من الرجوع
__________________
(١) قد عرّف الفقهاء «الصحّة» بما يوجب سقوط الإعادة والقضاء ؛ و «الفساد» بما لا يوجب سقوط الإعادة والقضاء. وعرّفهما المتكلّمون بما وافق الشريعة وعدمه.