الذي ملاكه الاتّحاد وجودا والتغاير مفهوما ، وحينئذ ، فإن صحّ الحمل علمنا أنّ المعنيين متّحدان وجودا ، سواء كانت النسبة التساوي أو العموم من وجه (١) أو مطلقا (٢) ، ولا يتعيّن واحد منها بمجرّد صحّة الحمل ، وإن لم يصحّ الحمل وصحّ السلب علمنا أنّهما متباينان.
٣. نجعل موضوع القضية أحد مصاديق المعنى المشكوك وضع اللفظ له ، لا نفس المعنى المذكور ، ثمّ نجرّب الحمل ـ وينحصر الحمل في هذه التجربة بالحمل الشائع ـ فإن صحّ الحمل ، علم منه حال المصداق من جهة كونه أحد المصاديق الحقيقيّة لمعنى اللفظ الموضوع له ، سواء كان ذلك المعنى نفس المعنى المذكور أو غيره المتّحد معه وجودا ، كما يستعلم منه حال الموضوع له في الجملة من جهة شموله لذلك المصداق ، بل قد يستعلم منه تعيين الموضوع له ، مثل ما إذا كان الشكّ في وضعه لمعنى عامّ أو خاصّ ، كلفظ «الصعيد» المردّد بين أن يكون موضوعا لمطلق وجه الأرض أو لخصوص التراب الخالص ، فإذا وجدنا صحّة الحمل وعدم صحّة السلب بالقياس إلى غير التراب الخالص من مصاديق الأرض يعلم بالقهر تعيين وضعه لعموم الأرض.
وإن لم يصحّ الحمل وصحّ السلب علم أنّه ليس من أفراد الموضوع له ومصاديقه الحقيقيّة ، وإذا كان قد استعمل فيه اللفظ ، فالاستعمال يكون مجازا إمّا فيه رأسا أو في معنى يشمله ويعمّه.
تنبيه :
إنّ الدور الذي ذكر في التبادر يتوجّه إشكاله هنا أيضا. والجواب عنه نفس الجواب هناك ؛ لأنّ صحّة الحمل وصحّة السلب إنّما هما باعتبار ما للّفظ من المعنى المرتكز إجمالا ، فلا تتوقّف العلامة إلاّ على العلم الارتكازيّ ، وما يتوقّف على العلامة هو
__________________
(١) إنّما يفرض العموم من وجه إذا كانت القضيّة مهملة. ـ منه رحمهالله ـ.
(٢) نسبة التساوي نحو «الإنسان ضاحك» ، ونسبة العموم من وجه كقولهم : «الحيوان أبيض» ، ونسبة العموم مطلقا كقولهم : «زيد إنسان».