لهذا المعنى عندهم. وعليه فلا دور هنا ؛ لأنّ علمه يتوقّف على التبادر ، والتبادر يتوقّف على علم غيره.
العلامة الثانية : عدم صحّة السلب وصحّته ، وصحّة الحمل وعدمها
ذكروا : أنّ عدم صحّة سلب اللفظ عن المعنى الذي يشكّ في وضعه له علامة أنّه حقيقة فيه ، وأنّ صحّة السلب علامة على أنّه مجاز فيه.
وذكروا أيضا : أنّ صحّة حمل اللفظ على ما يشكّ في وضعه له علامة الحقيقة ، وعدم صحّة الحمل علامة على المجاز.
وهذا ما يحتاج إلى تفصيل وبيان ، فلتحقيق الحمل وعدمه والسلب وعدمه نسلك الطرق الآتية :
١. نجعل المعنى الذي يشكّ في وضع اللفظ له «موضوعا» ، ونعبّر عنه بأيّ لفظ كان يدلّ عليه.
ثمّ نجعل اللفظ المشكوك في وضعه لذلك المعنى «محمولا» بما له من المعنى الارتكازيّ.
ثمّ نجرّب أن نحمل بالحمل الأوّلي اللفظ بما له من المعنى المرتكز في الذهن على ذلك اللفظ الدالّ على المعنى المشكوك وضع اللفظ له. والحمل الأوّلي ملاكه الاتّحاد في المفهوم والتغاير بالاعتبار (١) ، وحينئذ إذا أجرينا هذه التجربة فإن وجدنا عند أنفسنا صحّة الحمل وعدم صحّة السلب علمنا تفصيلا بأنّ اللفظ موضوع لذلك المعنى ، وإن وجدنا عدم صحّة الحمل وصحّة السلب علمنا أنّه ليس موضوعا لذلك المعنى ، بل يكون استعماله فيه مجازا.
٢. إذا لم يصحّ عندنا الحمل الأوّلي نجرّب أن نحمله هذه المرّة بالحمل الشائع الصناعيّ (٢)
__________________
(١) وقد شرحنا الحمل وأقسامه في الجزء الأوّل من المنطق : ٩٣ ـ ٩٧. ـ منه رحمهالله ـ.
(٢) يسمّي هذا الحمل بالشائع ؛ لأجل شيوعه بين عامّة الناس ، وبالصناعيّ ؛ لأجل استعماله في صناعات العلوم.