[مسألة الترتّب] (١)
ثمّ إنّه تصدّى جماعة من الأفاضل لتصحيح الأمر بالضدّ بنحو الترتّب على العصيان وعدم إطاعة الأمر بالشيء بنحو الشرط المتأخّر ، أو البناء على المعصية (٢) بنحو الشرط المتقدّم أو المقارن ، بدعوى أنّه لا مانع عقلا عن تعلّق الأمر بالضدّين كذلك ، أي بأن يكون الأمر بالأهمّ مطلقا ، والأمر بغيره معلّقا على عصيان ذاك الأمر ، أو البناء والعزم عليه ، بل هو واقع كثيرا عرفا (٣).
__________________
ـ اشتغاله بضدّه بحكم العقل. وإن اشتغل بالمهمّ فقد أتى بالمأمور به الفعليّ لكن لا يكون معذورا في ترك الأهمّ ، فيثاب بإتيان المهمّ ويعاقب بترك الأهمّ.
فالأهمّ والمهمّ ـ كالمتساويين ـ كلّ منهما مأمور به في عرض الآخر ، والأمران العرضيّان فعليّان متعلّقان بعنوانين كلّيّين. والمطاردة الّتي تحصل في مقام الإتيان إنّما توجب المعذوريّة العقليّة عن ترك أحد التكليفين حال الاشتغال بالآخر وعن ترك المهمّ حال اشتغاله بالأهمّ.
فعليه : أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي عدم الأمر بضدّه في التكاليف الكلّيّة كما فيما نحن فيه.
هذا حاصل كلامه أعلى الله مقامه الشريف. وعلى المتتبّع أن يلاحظ تفصيل كلامه في مناهج الوصول ٢ : ٢٣ ـ ٣٠.
(١) إنّ مسألة الترتّب من المسائل الحديثة ، وليس من المسائل العريفة في القدم ، بل ليس لها في كتب القدماء عين ولا أثر.
وأوّل من التزم به هو المحقّق الثانيّ ثمّ كاشف الغطاء. وفصّله المجدّد الشيرازيّ ، ثمّ رتّبه السيّد الفشاركيّ ، ونقّحه المحقّق النائينيّ ، وصحّحه المحقّق الاصفهانيّ كما يأتي. فراجع جامع المقاصد ٥ : ١٢ ـ ١٤ ، كشف الغطاء : ٢٧ ، تقريرات المجدّد الشيرازيّ ٢ : ٢٧٣ ـ ٢٨٢ ، الرسائل الفشاركيّة : ١٨٤ ـ ١٨٩ ، فوائد الاصول ١ : ٣٣٦ ، نهاية الدراية ١ : ٤٢٥.
وذهب المصنّف تبعا لاستاذه الشيخ الأعظم الأنصاريّ إلى عدم إمكان تصحيح الأمر بالضدّ بنحو الترتّب ، كما يأتي.
(٢) وفي النسخ : «على معصيته». والأولى ما أثبتناه.
(٣) كما أنّ الأب يأمر ابنه بالذّب إلى المدرسة ، وعلى تقدير عصيانه يأمره بالبقاء في الدار ـ مثلا ـ.
وحاصل مسلك الترتّب ـ على تقريب ذكره المصنّف في المقام ـ : أنّه يمكن تصحيح الأمر بالضدّ بأن يكون الضدّ المهمّ متعلّقا للأمر بشرط عصيان الأمر بالأهمّ أو البناء على عصيانه ، بحيث يجتمع الأمر بالضدّ المهمّ والأمر بالأهمّ في زمان واحد.
وتوضيحه : أنّ المكلّف إذا دخل المسجد وقت الصلاة ـ مثلا ـ وعلم بنجاسة المسجد ـ