فيه ولا شبهة تعتريه ، إلّا أنّه لا يقتضي إلّا امتناع الاجتماع وعدم وجود أحدهما إلّا مع عدم الآخر الّذي هو بديل وجوده المعاند له ، فيكون في مرتبته ، لا مقدّما عليه ولو طبعا. وعدم المانع الّذي يكون موقوفا على عدم الوجود (١) هو ما كان ينافي ويزاحم المقتضي في تأثيره ، لا ما يعاند الشيء ويزاحمه في وجوده.
نعم ، العلّة التامّة لأحد الضدّين ربما يكون مانعا عن الآخر ومزاحما (٢) لمقتضيه في تأثيره ، مثلا : تكون شدّة الشفقة على الولد الغريق وكثرة المحبّة له تمنع عن أن يؤثّر ما في الأخ الغريق من المحبّة والشفقة لإرادة إنقاذه مع المزاحمة ، فينقذ به الولد دونه ، فتأمّل جيّدا(٣).
وممّا ذكرنا ظهر أنّه لا فرق بين الضدّ الموجود والمعدوم في أنّ عدمه الملائم للشيء المناقض لوجوده المعاند لذاك لا بدّ أن يجامع معه من غير مقتض لسبقه ، بل قد عرفت ما يقتضي عدم سبقه.
فانقدح بذلك ما في تفصيل بعض الأعلام (٤) حيث قال بالتوقّف على رفع الضدّ الموجود ، وعدم التوقّف على عدم الضدّ المعدوم. فتأمّل في أطراف ما
__________________
(١) هكذا في النسخ : والصحيح أن يقول : «وعدم المانع الّذي يكون موقوفا عليه الوجود».
وفي هامش النسخة الأصليّة : «والمانع الّذي يكون موقوفا على عدمه الوجود». وهو أيضا صحيح ، لكن ما أثبتناه أولى.
(٢) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «تكون مانعة عن الآخر ومزاحمة».
(٣) وحاصل ما أفاده المصنّف في المقام هو إنكار مقدّميّة عدم الضدّ للضدّ الآخر.
والمحقّق الاصفهانيّ لم يرتض بإنكار المقدّميّة وحاول تصحيحها بوجه آخر ، حاصله : أنّ عدم الضدّ متقدّم بالطبع على الضدّ الآخر ، ومنشأ هذا التقدّم هو كون عدم الضدّ متمّما لقابليّة المحلّ لعروض الضدّ الآخر عليه ، إذ بدونه لا يكون المحلّ قابلا ، فلا يكون المحلّ قابلا لوجود الإزالة ـ مثلا ـ إلّا في صورة عدم الصلاة. نهاية الدراية ١ : ٤٢٨ ـ ٤٣٥.
ولكن أورد عليه السيّد الإمام الخمينيّ بأنّ العدم لا يمكن أن يكون مؤثّرا في تصحيح القابليّة ، فإنّ العدم محض البطلان ، وقابليّة المحلّ شأن من شئونه الوجوديّة ، فكيف يؤثّر ما هو محض البطلان في شأن من الشئون الوجوديّة للمحلّ؟! مناهج الوصول ٢ : ١٤ ـ ١٥.
(٤) وهو المحقّق الخوانساريّ كما مرّ.