وأنّه لا تفاوت في باب الملازمة بين مقدّمة ومقدّمة.
ولا بأس بذكر الاستدلال الّذي هو كالأصل لغيره ممّا ذكره الأفاضل من الاستدلالات ، وهو ما ذكره أبو الحسن البصريّ (١) ، وهو : أنّه لو لم تجب المقدّمة لجاز تركها ، وحينئذ فإن بقي الواجب على وجوبه يلزم التكيف بما لا يطاق ، وإلّا خرج الواجب المطلق عن وجوبه.
وفيه ـ بعد إصلاحه بإرادة عدم المنع الشرعيّ من التالي (٢) في الشرطيّة الاولى (٣) ، لا الإباحة الشرعيّة ، وإلّا كانت الملازمة واضحة البطلان ؛ وإرادة الترك (٤) عمّا اضيف إليه الظرف (٥) ، لا نفس الجواز (٦) ، وإلّا فمجرّد الجواز بدون الترك لا يكاد يتوهّم صدق القضيّة الشرطيّة الثانية ـ : ما لا يخفى ، فإنّ الترك بمجرّد عدم المنع شرعا لا يوجب صدق إحدى الشرطيّتين ، ولا يلزم منه (٧) أحد المحذورين (٨) ، فإنّه وإن لم يبق له وجوب معه ، إلّا أنّه كان ذلك بالعصيان ، لكونه متمكّنا من الإطاعة والإتيان ، وقد اختار تركه بترك مقدّمته بسوء اختياره ، مع
__________________
(١) هكذا في النسخ. والصحيح «أبو الحسين البصريّ». وذلك لأنّه ليس لأبي الحسن البصريّ كتاب معروف في اصول الفقه. وأمّا أبو الحسين البصريّ فله كتاب «المعتمد في الاصول» ، وهو كتاب معروف.
ويؤيّده ما ورد في مطارح الأنظار : ٨٣ ، وهداية المسترشدين : ٢٠٥ ، والمعتمد في اصول الفقه ١ : ٩٥ و ١٠٠.
(٢) وهو قوله : «لجاز تركه».
(٣) وهي قوله : «لو لم يجب المقدّمة».
(٤) معطوف على قوله : «بإرادة عدم المنع الشرعيّ». وهذا ما احتمله المحقّق السبزواريّ ـ صاحب كفاية الأحكام ـ على ما في مطارح الأنظار : ٨٤.
(٥) وهو قوله : «حينئذ».
(٦) وهذا ما احتمله صاحب المعالم على ما في مطارح الأنظار : ٨٤.
والحاصل : أنّ التنوين في «حينئذ» عوض عن مقدّر أضاف إليه «إذ». وذلك المقدّر هو الترك ، لا جواز الترك ، إذ يلزم من مجرّد جواز ترك المقدّمة مع بقاء الواجب النفسيّ على وجوبه محذور التكليف بما لا يطاق ، ولازمه كذب الشرطيّة الثانية.
(٧) وفي النسخ : «ولا يلزم». والصحيح ما أثبتناه.
(٨) وهما : الخلف والتكليف بما لا يطاق.