وفيه : ـ مضافا إلى أنّ ذلك (١) لا يقتضي الإتيان بها كذلك (٢) ، لإمكان الإشارة إلى عناوينها الّتي تكون بتلك العناوين موقوفا عليها بنحو آخر ولو بقصد أمرها وصفا (٣) ، لا غاية وداعيا (٤) ، بل كان الداعي إلى هذه الحركات الموصوفة بكونها مأمورا بها شيئا آخر غير أمرها (٥) ـ : أنّه غير واف (٦) بدفع إشكال ترتّب المثوبة عليها ، كما لا يخفى (٧).
ثانيهما : ما محصّله : أنّ لزوم وقوع الطهارات عبادة إنّما يكون لأجل أنّ الغرض من الأمر النفسيّ بغاياتها كما لا يكاد يحصل بدون قصد التقرّب بموافقته ، كذلك لا يحصل ما لم يؤت بها كذلك (٨) ، لا باقتضاء أمرها الغيريّ.
وبالجملة : وجه لزوم إتيانها عبادة إنّما هو لأجل أنّ الغرض في الغايات لا يحصل إلّا بإتيان خصوص الطهارات من بين مقدّماتها أيضا بقصد الإطاعة (٩).
__________________
(١) أي : كون الحركات الخاصّة المعنونة بعنوان خاصّ مقدّمة.
(٢) أي : بقصد أمرها غاية.
(٣) بأن ينوي الإتيان بالمأمور به بالأمر الغيريّ بأيّ عنوان.
(٤) بأن ينوى الإتيان بالحركات المخصوصة لكونها مأمورا بها.
(٥) كالتنظيف والتبريد ونحوهما.
(٦) هذا هو الصحيح. بخلاف ما في النسخ : «غير واف».
(٧) قد مرّ أنّه يفي بردّ الإشكالات كلّها ، فإنّ المثوبة تترتّب على رجحانها الذاتيّ ، لا على امتثال الأمر الغيريّ.
(٨) أي : بقصد القربة.
(٩) ولا يخفى : أنّ هذا الوجه أيضا ذكره الشيخ الأعظم الأنصاريّ ـ في كتاب الطهارة ٢ : ٥٥ ـ جوابا عن إشكال الدور ، لا جوابا عن الإشكال الّذي ذكره المصنّف في المقام كي يدفع به الإشكال المذكور.
وحاصل الجواب ـ على ما في كتاب الطهارة للشيخ الأنصاريّ ـ : أنّ مقدّميّة الطهارات متقوّمة بكونها عباديّة ، فالمولى لا بدّ له من الأمر بذات الطهارات ابتداء ثمّ الإعلام بلزوم الإتيان بها بداعى أمر المتعلّق بذاتها ، فيكون الأمر بذاتها مقوّما لمقدّميّتها وغنى من أمر آخر ، فيرتفع به محذور الدور.
وأنت خبير بأنّ ما ذكره المصنّف تقريبا لهذا الوجه لا يخلو من الاضطراب ، بل لا يطابق ما ذكره الشيخ.