تعالى كانت صرف لقلقة اللسان وألفاظ بلا معنى ، فإنّ غير تلك المفاهيم العامّة الجارية على غيره تعالى غير مفهوم ولا معلوم إلّا بما يقابلها ؛ ففي مثل ما إذا قلنا : «إنّه تعالى عالم» إمّا أن نعني أنّه من ينكشف لديه الشيء فهو ذاك المعنى العامّ ، أو أنّه مصداق لما يقابل ذاك المعنى ، فتعالى عن ذلك علوّا كبيرا ، وإمّا أن لا نعني شيئا فتكون كما قلناه من كونها صرف اللقلقة وكونها بلا معنى ، كما لا يخفى.
والعجب أنّه (١) جعل ذلك علّة لعدم صدقها في حقّ غيره ، وهو كما ترى.
وبالتأمّل فيما ذكرنا ظهر الخلل فيما استدلّ من الجانبين والمحاكمة بين الطرفين ، فتأمّل.
السادس : [لا يعتبر في صدق المشتقّ التلبّس الحقيقيّ]
الظاهر أنّه لا يعتبر في صدق المشتقّ وجريه على الذات حقيقة التلبّس بالمبدإ حقيقة وبلا واسطة في العروض (٢) ، كما في الماء الجاري ، بل يكفي التلبّس به ولو مجازا ومع هذه الواسطة ، كما في الميزاب الجاري ، فإسناد الجريان إلى الميزاب وإن كان إسنادا إلى غير ما هو له وبالمجاز إلّا أنّه في الإسناد ، لا في الكلمة. فالمشتقّ في مثل المثال بما هو مشتقّ قد استعمل في معناه الحقيقيّ (٣) ، وإن كان مبدؤه مسندا إلى الميزاب بالإسناد المجازيّ ، ولا منافاة بينهما أصلا ، كما لا يخفى.
__________________
(١) أي : صاحب الفصول.
(٢) هكذا في جميع النسخ. ولكن كلمة «العروض» لا يساعد عليها اللغة ، بل الصحيح «العرض».
والمراد من الواسطة في العرض هو الواسطة في الحمل ، لا ما هو المصطلح عليه حتّى يقال بأنّ الجري لا يعرض الميزاب ولو بواسطة.
(٣) وهو السيلان.