ففي صفاته الجارية عليه تعالى يكون المبدأ مغايرا له تعالى مفهوما (١) ، وقائما به عينا ، لكنّه بنحو من القيام ، لا بأنّ يكون هناك اثنينيّة ، وكان ما بحذائه غير الذات ، بل بنحو الاتّحاد والعينيّة ، وكان ما بحذائه عين الذات. وعدم اطّلاع العرف على مثل هذا التلبّس من الامور الخفيّة لا يضرّ بصدقها عليه تعالى على نحو الحقيقة إذا كان لها مفهوم صادق عليه «تعالى» حقيقة ولو بتأمّل وتعمّل من العقل ، والعرف إنّما يكون مرجعا في تعيين المفاهيم ، لا في تطبيقها على مصاديقها (٢).
وبالجملة : يكون مثل العالم والعادل وغيرهما من الصفات الجارية عليه تعالى وعلى غيره جارية عليهما بمفهوم واحد ومعنى فارد ، وإن اختلفا فيما يعتبر في الجري من الاتّحاد وكيفية التلبّس بالمبدإ ، حيث إنّه بنحو العينيّة فيه تعالى وبنحو الحلول أو الصدور في غيره.
فلا وجه لما التزم به في الفصول (٣) من نقل الصفات الجارية عليه تعالى عمّا هي عليها من المعنى ، كما لا يخفى. كيف! ولو كانت بغير معانيها العامّة جارية عليه
__________________
ـ والخارج المحمول ما لا يكون له ما بإزاء في الخارج كالاعتباريّات.
والظاهر من كلمات المصنّف في المقام ـ بل المنقول عنه في مجلس درسه* ـ أنّ مراده منهما هو المعنى الثالث ، فالمراد من الخارج المحمول هو العارض الاعتباريّ كالزوجيّة ، وبالمحمول بالضميمة هو العارض المتأصّل كالسواد والعلم والبياض.
* نقل عنه العلّامة المشكينيّ في حواشيه على كفاية الاصول ـ الطبع الحجريّ ـ ١ : ٨٦.
(١) أورد عليه السيّد الإمام الخمينيّ بقوله : «اختلاف المبادئ مع ذاته (تعالى) ليس في المفهوم ـ بناء على أنّه (تعالى) نفس العلم والقدرة ـ ، بل الاختلاف بينهما هو الاختلاف بين المفهوم ومصداقه الذاتيّ» ، مناهج الوصول ١ : ٢٣١.
(٢) أورد عليه السيّد الإمام الخمينيّ : أوّلا : بأنّ المدّعى أنّ العرف يحمل هذه الصفات عليه (تعالى) كما يحملها على غيره ، فكون المرجع هو العرف في المفاهيم لا في التطبيق أجنبيّ عن هذا. وثانيا : أنّ عدم مرجعيّة العرف في التطبيق محلّ منع. وثالثا : أنّ العقل يرى عينيّة الصفات مع الذات غير قيامها بها. مناهج الوصول ١ : ٢٣١.
(٣) الفصول الغرويّة : ٦٢.