والتحقيق : أنّه لا ينبغي أن يرتاب من كان من اولي الألباب في أنّه يعتبر في صدق المشتقّ على الذات وجريه عليها من التلبّس (١) بالمبدإ بنحو خاصّ ، على اختلاف أنحائه ـ الناشئة من اختلاف الموادّ تارة (٢) ، واختلاف الهيئات اخرى (٣) ـ من القيام صدورا ، أو حلولا ، أو وقوعا عليه أو فيه (٤) ، أو انتزاعه عنه مفهوما مع اتّحاده معه خارجا ، كما في صفاته تعالى ـ على ما أشرنا إليه آنفا ـ ، أو مع (٥) عدم تحقّق إلّا للمنتزع عنه ، كما في الإضافات والاعتبارات الّتي لا تحقّق لها ، ولا يكون بحذائها (٦) في الخارج شيء ، وتكون من الخارج المحمول لا المحمول بالضميمة (٧).
__________________
(١) هكذا في النسخ. والصحيح أن يحذف «من» ، فإنّ قوله : «التلبّس» فاعل «يعتبر».
(٢) بأنّ المبدأ قد يكون بمعنى القوّة ، وقد يكون بمعنى الملكة ، وقد يكون بمعنى الفعليّة ، وهكذا.
(٣) فالهيئة قد تكون اسم فاعل ، وقد تكون اسم مفعول ، وقد تكون صفة مشبّهة ، وهكذا.
(٤) القيام الصدوريّ كالضرب بالنسبة إلى الفاعل ، والقيام الحلوليّ كالمرض القائم بالمريض ، والقيام وقوعا عليه كالضرب بالنسبة إلى المفعول ، والقيام وقوعا فيه كالجلوس القائم بالمجلس.
(٥) معطوف على قوله : «مع اتّحاده».
(٦) الضمير يرجع إلى صفات الواجب والاضافات والاعتبارات. والمراد أنّ صفات الواجب والاضافات والاعتبارات غير موجودة بالوجود في نفسه لنفسه ، بل الصفات موجودة بالوجود في نفسه لغيره ، والاضافات والاعتبارات موجودة بالوجود في غيره ـ أي بالوجود الرابط الّذي لا تحقّق له خارجا من وجود طرفيه ، بل ليس ما بإزائه في الخارج شيء ، وانّما يوجب نحوا من الاتّحاد الوجوديّ بين طرفيه ـ.
(٧) لا يخفى : أنّ «الخارج المحمول» و «المحمول بالضميمة» اصطلاحان معروفان. ولكن اختلفوا في المراد منها على أقوال :
الأوّل : أنّ المحمول بالضميمة ما يكون محتاجا في حمله على الشيء إلى الضميمة ، والخارج المحمول ما يكون خارجا عن ذات الشيء ومحمولا عليه ، أعمّ من أن يكون محتاجا فيه إليها أو غير محتاج إليها. وهذا هو المشهور بين أهل المعقول.
الثاني : أنّ المحمول بالضميمة ما يكون محتاجا في حمله على الشيء إلى الضميمة ، والخارج المحمول ما لا يحتاج في حمله إلى الضميمة.
الثالث : أنّ المحمول بالضميمة ما يكون له ما بإزاء في الخارج كالمقولات العرضيّة. ـ