التركيب بين المتغايرين واعتبار كون مجموعهما بما هو واحدا ، بل يكون لحاظ ذلك مخلّا ، لاستلزامه المغايرة بالجزئيّة والكلّيّة ، ومن الواضح أنّ ملاك الحمل لحاظ نحو اتّحاد (١) بين الموضوع والمحمول ؛ مع وضوح عدم لحاظ ذلك في التحديدات (٢) وسائر القضايا في طرف الموضوعات ، بل لا يلاحظ في طرفها إلّا نفس معانيها ، كما هو الحال في طرف المحمولات ، ولا يكون حملها عليها (٣) إلّا بملاحظة ما هما عليه من نحو من الاتّحاد مع ما هما عليه من المغايرة ولو بنحو من الاعتبار.
فانقدح بذلك فساد ما جعله في الفصول (٤) تحقيقا للمقام. وفي كلامه موارد للنظر تظهر بالتأمّل وإمعان النظر.
الرابع : [كيفيّة حمل صفات البارئ على ذاته المقدّسة]
لا ريب في كفاية مغايرة المبدأ مع ما يجري المشتقّ عليه مفهوما (٥) ، وإن اتّحدا عينا وخارجا ، فصدق الصفات ـ مثل العالم والقادر والرحيم والكريم إلى
__________________
ـ وحاصل الدفع : أنّه لا يعتبر في صحّة الحمل إلّا الاتّحاد من وجه والمغايرة من وجه آخر. وأمّا لحاظ المجموع أمرا واحدا فهو غير معتبر ، بل مخلّ بالحمل ، لاستلزامه مغايرة المحمول والموضوع في الكلّيّة والجزئيّة ، إذ الكلّ والجزء متغايران ، فإذا لوحظ المجموع أمرا واحدا كان كلّا ، فحمل أحدهما على المجموع من حمل الجزء على الكلّ ، وهو ممتنع. مضافا إلى أنّ ملاحظة المجموع من حيث المجموع لا يلاحظ في القضايا الحمليّة ، لا في طرف الموضوعات ولا في طرف المحمولات.
(١) وفي بعض النسخ : «لحاظ نحو الاتّحاد» ، وفي المطبوع المحشّى بحاشية المشكينيّ : «لحاظ بنحو الاتّحاد». والصحيح أن يقول : «أنّ ملاك الحمل نحو اتّحاد» ، إذ المناط في صحّة الحمل هو نفس الاتّحاد بينهما ، لا لحاظه.
(٢) أي : التعريفات.
(٣) أي : حمل المحمولات على الموضوعات.
(٤) الفصول الغرويّة : ٦٢.
(٥) بل يكفي مغايرة المشتقّ ـ أي المحمول ـ وما يجري عليه المشتقّ ـ أي الموضوع ـ ، وإن كان مبدأ المشتقّ متّحدا مع ما يجري عليه المشتقّ مفهوما. كذا أفاده المحقّق الاصفهانيّ في نهاية الدراية ١ : ١٦٦.