وبالجملة : لا تنثلم بالانحلال إلى الاثنينيّة بالتعمّل العقليّ وحدة المعنى وبساطة المفهوم ، كما لا يخفى.
وإلى ذلك يرجع الإجمال والتفصيل الفارقان (١) بين المحدود والحدّ مع ما هما عليه من الاتّحاد ذاتا ، فالعقل بالتعمّل يحلّل النوع ويفصّله إلى جنس وفصل بعد ما كان أمرا واحدا إدراكا ، وشيئا فاردا تصوّرا ، فالتحليل يوجب فتق ما هو عليه من الجمع والرتق.
الثاني : [الفرق بين المشتقّ ومبدئه]
الفرق بين المشتقّ ومبدئه مفهوما أنّه بمفهومه لا يأبى عن الحمل على ما تلبّس بالمبدإ ولا يعصي عن الجري عليه ، لما هما (٢) عليه ، من نحو من الاتّحاد. بخلاف المبدأ ، فإنّه بمعناه يأبى عن ذلك ، بل إذا قيس ونسب إليه كان غيره (٣) ، لا هو هو ، وملاك الحمل والجري إنّما هو نحو من الاتّحاد والهوهويّة.
وإلى هذا يرجع ما ذكره أهل المعقول في الفرق بينهما من أنّ المشتقّ يكون لا بشرط ، والمبدأ يكون بشرط لا (٤) ، أي يكون مفهوم المشتقّ غير آب عن الحمل ، ومفهوم المبدأ يكون آبيا عنه (٥).
__________________
ـ التصوّر واللحاظ فهو ممّا لا اشكال فيه ولا يحتاج إثباتها إلى مئونة استدلال ، ضرورة أنّه إذا كان الموضوع له المشتقّ معنى واحدا لحاظا كان المتصوّر عند إطلاقه ذلك المعنى الواحد. نهاية الدراية ١ : ١٥٠ ـ ١٥١.
وعليه فلا يبعد القول بأنّ المصنّف من القائلين بنفي بساطة المشتقّ بمعنى البساطة الحقيقيّة لا البساطة اللحاظيّة.
(١) وفي بعض النسخ : «الفارقين». والصحيح ما أثبتناه.
(٢) أي : المبدأ وما تلبّس به.
(٣) أي : إذا قيس المبدأ ونسب إلى ما تلبّس به كان غيره.
(٤) كما قال الحكيم السبزواريّ : «وعرضيّ الشيء غير العرض ، ذا كالبياض ـ إذ العرض مأخوذ بشرط لا ولا يحمل على موضوعه ـ ذاك مثل الأبيض ـ إذ العرضيّ يحمل على معروضه ، مأخوذ لا بشرط ـ». شرح المنظومة (قسم المنطق) : ٢٩ ـ ٣٠.
(٥) ظاهر عبارة المصنّف أنّ الفرق بين المشتقّ ومبدئه ذاتيّ ، لا اعتباريّ. فمفهوم المشتقّ ـ