بالضرورة (١) ، ضرورة صيرورة الإيجاب أو السلب بلحاظ الثبوت وعدمه واقعا ضروريّا ، ويكون من باب الضرورة بشرط المحمول.
وبالجملة : الدعوى هي انقلاب مادّة الإمكان بالضرورة فيما ليست مادّته واقعا وفي نفسه (٢) وبلا شرط غير الإمكان.
وقد انقدح بذلك عدم نهوض ما أفاده رحمهالله (٣) بإبطال الوجه الأوّل كما زعمه قدسسره ، فإنّ لحوق مفهوم الشيء والذات لمصاديقهما إنّما يكون ضروريّا مع إطلاقهما ، لا مطلقا ولو مع التقيّد (٤) ، إلّا بشرط تقيّد المصاديق به أيضا ، وقد عرفت حال الشرط ، فافهم.
ثمّ إنّه لو جعل التالي في الشرطيّة الثانية (٥) لزوم أخذ النوع في الفصل ـ ضرورة أنّ مصداق الشيء الّذي له النطق هو الإنسان ـ كان أليق بالشرطيّة الاولى (٦) ، بل كان أولى (٧) ، لفساده مطلقا ولو لم يكن مثل الناطق بفصل حقيقيّ ، ضرورة بطلان أخذ الشيء في لازمه وخاصّته ، فتأمّل جيّدا.
ثمّ إنّه يمكن أن يستدلّ على البساطة بضرورة عدم تكرار الموصوف في مثل :
__________________
ـ كذلك» كي يرجع الضمير في قوله : «ثبوته» إلى المحمول. أو يقول : «لا بملاحظة ثبوتها بينهما واقعا أو عدم ثبوتها بينهما كذلك» حتّى يرجع الضمير في «ثبوتها» إلى النسبة ، ضرورة أنّ النسبة قائمة بالطرفين ، ولا معنى لثبوتها للموضوع فقط.
(١) كما ذهب إليه الشيخ الإشراقيّ. قال الحكيم السبزواريّ : «الشيخ الإشراقيّ ذو الفطانة قضيّة قصّر في البتّانة» ، شرح المنظومة (قسم المنطق) : ٥٨.
(٢) وفي بعض النسخ : «واقعا في نفسه». والصحيح ما أثبتناه.
(٣) أي : صاحب الفصول.
(٤) أي : التقيّد بالضحك أو الكتابة أو غيرهما.
(٥) وهي قول السيّد الشريف : «ولو اعتبر فيه ما صدق عليه الشيء انقلبت مادّة الإمكان الخاصّ ضرورة».
(٦) وهي قوله : «لو اعتبر في المشتقّ مفهوم الشيء لكان العرض العامّ داخلا في الفصل».
(٧) أي : بل كان أولى من الشرطيّة الاولى. وهذا ما أفاده الحكيم السبزواريّ ، حيث قال في تعليقته على الأسفار ١ : ٤٢ : «وأيضا لزم دخول النوع في الفصل. وهذا أسدّ وأحكم ممّا جعله السيّد تاليا».