منها (١) على اختلافها (٢).
إزاحة شبهة
قد اشتهر في ألسنة النحاة دلالة الفعل على الزمان حتّى أخذوا الاقتران بها في تعريفه (٣). وهو اشتباه ، ضرورة عدم دلالة الأمر ولا النهي عليه (٤) ، بل على إنشاء طلب الفعل أو الترك ؛ غاية الأمر نفس الإنشاء بهما في الحال (٥) ، كما هو الحال في الإخبار بالماضي أو المستقبل أو بغيرهما كما لا يخفى. بل يمكن منع دلالة غيرهما من الأفعال على الزمان إلّا بالإطلاق والإسناد إلى الزمانيّات ، وإلّا لزم القول بالمجاز والتجريد عند الإسناد إلى غيرها من نفس الزمان (٦) والمجرّدات (٧).
نعم ، لا يبعد أن يكون لكلّ من الماضي والمضارع بحسب المعنى خصوصيّة اخرى موجبة للدلالة على وقوع النسبة في الزمان الماضي في الماضي ، وفي الحال أو الاستقبال في المضارع فيما كان الفاعل من الزمانيّات (٨).
__________________
(١) أي : من الذوات.
(٢) والحاصل : أنّه لا يصحّ حمل الأفعال على الذات ، لأنّها لا تدلّ إلّا على نسبة المبدأ إلى الذات وقيامه بها ، فالذات والنسبة متغايرتان وجودا ، ومعه لا يصحّ حملها على الذات.
(٣) كما قال في الفوائد الصمديّة : «الفعل كلمة معناها مستقلّ مقترن بأحدها» أي أحد الأزمنة الثلاثة. راجع جامع المقدّمات : ٤٤٨.
(٤) لا بمادّتهما ، لأنّها لا تدلّ إلّا على طبيعة الفعل ؛ ولا بهيئتهما ، لأنّها لا تدلّ إلّا على إنشاء الطلب أو الترك. فليس في فعل الأمر وفعل النهي ما يدلّ على الزمان.
(٥) وهو أجنبيّ عن الدلالة على الحال ، إذ هو يقع في الزمان قهرا.
(٦) مثل قولنا : «مضى الزمان» ، فلو دلّ الفعل على الزمان لم يصحّ إسناده إلى الزمان ، لأنّ الزمان لم يقع في الزمان ، والّا لدار أو تسلسل.
(٧) كقولنا : «علم الله» ، فلو دلّ الفعل على الزمان لم يصحّ إسناده إلى ما فوق الزمان من المجرّدات ، لأنّها غير محدودة بحدّ.
وأجاب المحقّق الاصفهانيّ عن معضل إسناد الفعل إلى نفس الزمان والمجرّدات بما لا يهمّ التعرّض لها ، وإن شئت فراجع نهاية الدراية ١ : ١٢١ ـ ١٢٢.
(٨) والحاصل : أنّه وقع الكلام في تلك الخصوصيّة وحقيقتها. ذهب المصنّف إلى أنّ ـ