عليها ، وكلاهما غير لائق بكلامه تعالى ، كما لا يخفى. وذلك (١) لعدم لزوم التطويل فيما كان الاتّكال على حال أو مقال اتي به لغرض آخر ؛ ومنع كون الإجمال غير لائق بكلامه تعالى مع كونه ممّا يتعلّق به الغرض ، وإلّا لما وقع المشتبه في كلامه ، وقد أخبر في كتابه وقوعه فيه ، قال الله تعالى : ﴿مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ﴾ (٢).
وربما توهّم وجوب وقوع الاشتراك في اللغات (٣) ، لأجل عدم تناهي المعاني وتناهي الألفاظ المركّبات ، فلا بدّ من الاشتراك فيها.
وهو فاسد ، لوضوح امتناع الاشتراك في هذه المعاني ، لاستدعائه الأوضاع الغير المتناهية (٤) ؛ ولو سلّم (٥) لم يكد يجدي إلّا في مقدار متناه (٦) ؛ مضافا إلى تناهي المعاني الكلّيّة ، وجزئيّاتها وإن كانت غير متناهية إلّا أنّ وضع الألفاظ بإزاء كلّيّاتها يغني عن وضع لفظ بإزائها ، كما لا يخفى ؛ مع أنّ المجاز باب واسع (٧) ، فافهم (٨).
__________________
(١) أي : وعدم استحالة استعمال المشترك في القرآن.
(٢) آل عمران / ٧.
(٣) كما توهّمه الفيّوميّ في فصل الجمع من خاتمة المصباح المنير : ٩٥٦.
(٤) وصدورها من واضع متناه محال.
(٥) بأن يقال : «الأوضاع غير المتناهية ممكنة ، لأنّ الواضع هو الله تعالى».
(٦) لأنّه وإن فرض أنّ الواضع هو الله تعالى ، وهو قادر على أوضاع غير متناهية ، إلّا أنّ مستعملها هو البشر ، وهو لا يقدر إلّا على استعمال ألفاظ متناهية في معاني متناهية ، فالوضع زائدا على ما يقدر البشر على استعمالها لغو ولا يصدر من الواضع الحكيم.
(٧) فيجوز أن يوضع الألفاظ لمعاني متناهية ، ويستعمل في غيرها مجازا.
(٨) لعلّه إشارة إلى ما أورد عليه تلميذه المحشّي المشكينيّ من أنّه لا بدّ في المجازيّة من المناسبة المصحّحة للاستعمال طبعا أو وضعا ، وإذا فرض كون المعاني الموضوع لها متناهية فالمناسب لها لا يكون إلّا متناهيا ، فلا ينفع كون المجاز بابا واسعا.