فصدق الاسم كذلك يكشف عن وجود المسمّى ، وعدم صدقه عن عدمه (١).
وفيه ـ مضافا إلى ما اورد على الأوّل أخيرا (٢) ـ : أنّه عليه يتبادل ما هو المعتبر في المسمّى ، فكان شيء واحد داخلا فيه تارة وخارجا عنه اخرى ، بل مردّدا بين أن يكون هو الخارج أو غيره عند اجتماع تمام الأجزاء ، وهو كما ترى ، سيّما إذا لوحظ هذا مع ما عليه العبادات من الاختلاف الفاحش بحسب الحالات (٣).
ثالثها : أن يكون وضعها كوضع الأعلام الشخصيّة ك «زيد» ، فكما لا يضرّ في التسمية فيها (٤) تبادل الحالات المختلفة من الصغر والكبر ونقص بعض الأجزاء وزيادته ، كذلك فيها (٥).
وفيه : أنّ الأعلام إنّما تكون موضوعة للأشخاص ، والتشخّص إنّما يكون بالوجود الخاصّ ، ويكون الشخص حقيقة باقيا ما دام وجوده باقيا وإن تغيّرت عوارضه من الزيادة والنقصان وغيرهما من الحالات والكيفيّات ، فكما لا يضرّ اختلافها في التشخّص لا يضرّ اختلافها في التسمية. وهذا بخلاف مثل ألفاظ العبادات ممّا كانت موضوعة للمركّبات والمقيّدات ، ولا يكاد يكون موضوعا له إلّا ما كان جامعا لشتاتها وحاويا لمتفرّقاتها ، كما عرفت في الصحيح منها.
رابعها : أنّ ما وضعت له الألفاظ ابتداء هو الصحيح التامّ الواجد لتمام الأجزاء
__________________
(١) هذا منسوب إلى جماعة من القائلين بالأعمّ ، راجع مطارح الأنظار : ٨.
(٢) وهو لزوم المجازيّة في استعمال اللفظ في الكلّ.
(٣) فإنّ معظم الأجزاء في صلاة المختار هو النيّة والتكبيرة والركوع والتشهّد والقيام ـ مثلا ـ ، وهو في صلاة العاجز عن القيام تلك الامور مجرّدة عن القيام ، فجزء واحد قد يكون داخلا في المعظم وقد يكون خارجا عنه ، فلا يعلم أنّ القيام داخل في المعظم أو خارج عنه.
وهذا الإيراد دفعه المحقّق الاصفهانيّ وصحّح كون الجامع هو المعظم بنحو آخر. وحاصله : أنّ إشكال تبادل أجزاء ماهيّة واحدة انّما يرد إذا لوحظت الأجزاء معيّنة لا مبهمة ، فيمكن تصحيح كون الجامع هو المعظم بنحو الإبهام. وتقريبه : أنّ الجامع الموضوع له هو سنخ عمل مبهم إلّا من بعض الجهات ، وهو قابل للانطباق على الكثير والقليل ، وتكون نسبته إلى الأفراد نسبة الكلّي إلى أفراده ، فيصدق على الأفراد المتبادلة بنحو البدل. نهاية الدراية ١ : ٧٦.
(٤) أي : في الأعلام الشخصيّة.
(٥) أي : في ألفاظ العبادات.