والشرائط ، إلّا أنّ العرف يتسامحون ـ كما هو ديدنهم (١) ـ ويطلقون تلك الألفاظ على الفاقد للبعض تنزيلا له منزلة الواجد ، فلا يكون مجازا في الكلمة ـ على ما ذهب إليه السكّاكي في الاستعارة (٢) ـ ، بل يمكن دعوى صيرورته حقيقة فيه بعد الاستعمال فيه كذلك (٣) دفعة أو دفعات ، من دون حاجة إلى الكثرة والشهرة ، للانس الحاصل من جهة المشابهة في الصورة أو المشاركة في التأثير. كما في أسامي المعاجين الموضوعة ابتداء لخصوص مركّبات واجدة لأجزاء خاصّة ، حيث يصحّ إطلاقها على الفاقد لبعض الأجزاء المشابه له صورة والمشارك (٤) في المهمّ أثرا ، تنزيلا أو حقيقة.
وفيه : أنّه إنّما يتمّ في مثل أسامي المعاجين وسائر المركّبات الخارجيّة ممّا يكون الموضوع له فيها ابتداء مركّبا خاصّا. ولا يكاد يتمّ في مثل العبادات الّتي عرفت أنّ الصحيح منها يختلف حسب اختلاف الحالات وكون الصحيح بحسب حالة فاسدا بحسب حالة اخرى ، كما لا يخفى ، فتأمّل جيّدا.
خامسها : أن يكون حالها حال أسامي المقادير والأوزان ، مثل المثقال والحقّة والوزنة إلى غير ذلك ممّا لا شبهة في كونها حقيقة في الزائد والناقص في الجملة ، فإنّ الواضع وإن لاحظ مقدارا خاصّا إلّا أنّه لم يضع له بخصوصه ، بل للأعمّ منه ومن الزائد والناقص ، أو أنّه وإن خصّ به أوّلا إلّا أنّه بالاستعمال كثيرا فيهما (٥) ـ بعناية أنّهما منه ـ قد صار حقيقة في الأعمّ ثانيا.
وفيه : أنّ الصحيح ـ كما عرفت في الوجه السابق ـ يختلف زيادة ونقيصة فلا يكون هناك ما يلاحظ الزائد والناقص بالقياس عليه كي يوضع اللفظ لما هو الأعمّ ، فتدبّر جيّدا.
__________________
(١) أي : دأبهم وعادتهم.
(٢) مفتاح العلوم : ١٥٦.
(٣) أي : يمكن دعوى صيرورة اللفظ حقيقة في الفاقد بعد استعماله فيه تنزيلا له منزلة الواجد.
(٤) المشابه والمشارك وصفان لقوله : «الفاقد».
(٥) أي : في الزائد والناقص.