[٢ ـ معنى الصحّة والفساد]
ومنها : أنّ الظاهر أنّ الصحّة عند الكلّ بمعنى واحد ، وهو التماميّة. وتفسيرها بإسقاط القضاء ـ كما عن الفقهاء ـ أو بموافقة الشريعة ـ كما عن المتكلّمين ـ أو غير ذلك إنّما هو بالمهمّ من لوازمها (١) ، لوضوح اختلافه (٢) بحسب اختلاف الأنظار. وهذا لا يوجب تعدّد المعنى ، كما لا يوجبه اختلافها بحسب الحالات من السفر والحضر والاختيار والاضطرار إلى غير ذلك ، كما لا يخفى.
ومنه ينقدح : أنّ الصحّة والفساد أمران إضافيّان (٣) ، فيختلف شيء واحد صحّة وفسادا بحسب الحالات ، فيكون تامّا بحسب حالة وفاسدا بحسب اخرى ، فتدبّر جيّدا.
[٣ ـ لزوم قدر جامع على القولين]
ومنها : أنّه لا بدّ على كلا القولين من قدر جامع في البين كان هو المسمّى بلفظ كذا(٤).
__________________
(١) وأورد عليه المحقّق الاصفهانيّ بما حاصله : أنّ حيثيّة القضاء وموافقة الشريعة وغيرهما ليست من لوازم التماميّة بالدقّة ، بل هي من الحيثيّات الّتي يتمّ بها حقيقة التماميّة حيث لا رافع للتماميّة إلّا التماميّة من حيث إسقاط القضاء أو من حيث موافقة الأمر وغيرهما ، واللازم ليس من متمّمات معنى ملزومه. نهاية الدراية ١ : ٥٨ ـ ٥٩.
وأجاب عنه السيّد المحقّق الخوئيّ بأنّ للتماميّة واقعيّة مستقلّة هي : جامعيّة الأجزاء والشرائط ، فلها واقعيّة قطع النظر عن إسقاط القضاء وموافقة الشريعة وغيرهما ، وليست هذه الامور إلّا من آثار التماميّة ولوازمها. محاضرات في اصول الفقه ١ : ١٣٥ ـ ١٣٦.
ولكن لا يخفى ما فيه ، فإنّ الجامعيّة والتماميّة والصحّة أوصاف وجوديّة تعرض الشيء الموجود ، فهي كيفيّات عرضيّة ، والأعراض لا واقع لها مستقلّا حتّى تكون موجودة في نفسه لنفسه ، بل هي وجودات غير مستقلّة ومن نوع الوجود في نفسه لغيره ، فإسقاط القضاء وموافقة الشريعة وغيرهما ليست من مقوّمات التماميّة ولا من آثارها ولوازمها ، بل هي من آثار الشيء الموجود المتّصف بالتماميّة.
(٢) أي : اختلاف المهمّ.
(٣) وقد خالفه السيّد الإمام الخمينيّ وذهب إلى أنّ الصحّة والفساد كيفيّتان وجوديّتان عارضتان للشيء في الوجود الخارجيّ وبينهما تقابل التضادّ. مناهج الوصول ١ : ١٤٣ ـ ١٤٤.
(٤) وخالفه المحقّق النائيني وذهب إلى أنّه لا ضرورة تدعو إلى تصوير جامع وحدانيّ ـ