وتشخّصه إنّما جاء من قبل الإشارة أو التخاطب بهذه الألفاظ إليه ، فإنّ الإشارة أو التخاطب لا يكاد يكون إلّا إلى الشخص أو معه» غير مجازفة.
[حاصل الكلام]
فتلخّص ممّا حقّقناه : أنّ التشخّص الناشئ من قبل الاستعمالات لا يوجب تشخّص المستعمل فيه ، سواء كان تشخّصا خارجيّا ـ كما في مثل أسماء الإشارة ـ أو ذهنيّا ـ كما في أسماء الأجناس والحروف ونحوهما ـ ، من غير فرق في ذلك أصلا بين الحروف وأسماء الأجناس ، ولعمري هذا واضح. ولذا ليس في كلام القدماء من كون الموضوع له أو المستعمل فيه خاصّا في الحرف عين ولا أثر ، وإنّما ذهب إليه بعض من تأخّر (١). ولعلّه لتوهّم كون قصده بما هو في غيره من خصوصيّات الموضوع له أو المستعمل فيه ، والغفلة من أنّ قصد المعنى من لفظه على أنحائه لا يكاد يكون من شئونه وأطواره ، وإلّا فليكن قصده بما هو هو وفي نفسه كذلك. فتأمّل في المقام ، فإنّه دقيق وقد زلّ فيه أقدام غير واحد من أهل التحقيق والتدقيق.
__________________
(١) منهم صاحب القوانين في القوانين ١ : ١٠ ، وصاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ١٦ ، والمحقّق الشريف في تعليقته على المطوّل : ٣٧٤.