ورجوع البحث فيهما في الحقيقة إلى البحث عن ثبوت السنّة بخبر الواحد في مسألة حجّيّة الخبر ـ كما افيد (١) ـ وبأيّ الخبرين في باب التعارض ، فإنّه أيضا بحث في الحقيقة عن حجّيّة الخبر في هذا الحال (٢) ، غير مفيد (٣) ؛ فإنّ البحث عن ثبوت الموضوع وما هو (٤) مفاد كان التّامّة (٥) ليس بحثا عن عوارضه ، فإنّها مفاد كان الناقصة (٦).
لا يقال : هذا في الثبوت الواقعيّ ، وأمّا الثبوت التعبّديّ (٧) ـ كما هو المهمّ في هذه المباحث ـ فهو في الحقيقة يكون مفاد كان الناقصة.
فإنّه يقال : نعم ، لكنّه ممّا لا يعرض السنّة ، بل الخبر الحاكي لها ، فإنّ الثبوت التعبّديّ يرجع إلى وجوب العمل على طبق الخبر ، كالسنّة المحكيّة به ، وهذا من عوارضه لا عوارضها ، كما لا يخفي. وبالجملة : الثبوت الواقعيّ ليس من العوارض ، والتعبّديّ وإن كان منها إلّا أنّه ليس للسنّة ، بل للخبر ، فتأمّل جيّدا.
وأمّا إذا كان المراد من السنّة ما يعمّ حكايتها (٨) ، فلأنّ البحث في تلك المباحث وإن كان عن أحوال السنّة بهذا المعنى ، إلّا أنّ البحث في غير واحد من مسائلها ـ كمباحث الألفاظ وجملة من غيرها (٩) ـ لا يخصّ الأدلّة ، بل يعمّ غيرها ، وإن كان المهمّ معرفة أحوال خصوصها ، كما لا يخفي.
__________________
(١) هذا ما أفاده الشيخ الأعظم الأنصاريّ في مبحث حجّيّة خبر الواحد من فرائد الاصول ١ : ٢٣٨.
(٢) أي : حال التعارض. ولم أجد من أفاده في باب التعارض.
(٣) خبر قوله : «رجوع البحث».
(٤) أي : ثبوت الموضوع.
(٥) هكذا في جميع النسخ. والأولى أن يقول : «وهو مفاد كان التامّة».
(٦) مفاد كان الناقصة هو مطلب هل المركّبة ، أي : ثبوت شيء لشيء ، كما أنّ مفاد كان التامّة هو مطلب هل البسيطة ، أي : ثبوت الشيء.
(٧) وهو يرجع إلى العمل بالخبر تعبّدا.
(٨) والأولى أن يقول : «ما يعمّ الحاكي لها».
(٩) كبعض مباحث الأدلّة العقليّة ، وبعض أقسام الاجماع ، وبعض مباحث الأوامر كالبحث عن ظهور الأمر في الوجوب.