لا يقال : علي هذا يمكن تداخل علمين في تمام مسائلهما في ما كان هناك مهمّان متلازمان في الترتّب على جملة من القضايا لا يكاد انفكاكهما.
فإنّه يقال : ـ مضافا إلى بعد ذلك بل امتناعه عادة ـ لا يكاد يصحّ لذلك تدوين علمين وتسميتهما باسمين ، بل تدوين علم واحد ، يبحث فيه تارة لكلا المهمّين واخرى لأحدهما ، وهذا بخلاف التداخل في بعض المسائل ، فإنّ حسن تدوين علمين كانا مشتركين في مسألة أو أزيد في جملة (١) مسائلهما المختلفة لأجل مهمّين ممّا لا يخفي (٢).
[تمايز العلوم]
وقد انقدح بما ذكرنا أنّ تمايز العلوم إنّما هو باختلاف الأغراض الداعية إلى التدوين ، لا الموضوعات (٣) ولا المحمولات (٤) ، وإلّا كان كلّ باب ـ بل كلّ مسألة ـ من كلّ علم علما على حدة ـ كما هو واضح لمن كان له أدنى تأمّل ـ ، فلا يكون الاختلاف بحسب الموضوع أو المحمول موجبا للتعدّد (٥) ، كما لا يكون
__________________
(١) في قوله : «في جملة» وجهان :
الأوّل : أن يكون متعلّقا بقوله : «تدوين» ، ومعناه : أنّ حسن تدوين علمين ـ كانا مشتركين في مسألة أو أزيد ـ في جملة من مسائلهما المختلفة لأجل مهمّين ممّا لا يخفي.
الثاني : أن يكون بدلا عن قوله : «أو أزيد» ومعناه : أنّ حسن تدوين علمين ـ كانا مشتركين في مسألة أو في جملة من مسائلهما المختلفة ـ لأجل مهمّين ممّا لا يخفي.
(٢) خبر عن قوله : «فإنّ».
(٣) والقول بأنّ تمايزها بتمايز الموضوعات منسوب إلى المشهور ، كما في فوائد الاصول ١ : ٢٤.
وذهب المحقّق الأصفهانيّ والمحقّق النائينيّ إلى أنّ تمايزها بتمايز الموضوعات المتحيّثة بالحيثيّة الخاصّة ، ولكن اختلفا في ما يراد من تحيّث الموضوع. راجع نهاية الدراية ١ : ١٠ ، وفوائد الاصول ١ : ٢٥ ـ ٢٦.
(٤) لم أجد من ذهب إليه. وفي المقام قولان آخران ذهب إلى أحدهما السيّد الإمام الخمينيّ وإلى الآخر السيّد المحقّق الخوئيّ ؛ فذهب الأوّل إلى أنّ تمايزها بذات العلوم ، والثاني إلى عدم انحصاره بالموضوع والأغراض. راجع مناهج الوصول : ١ : ٤٤ والمحاضرات ١ : ٢٧.
(٥) أورد عليه المحقّق الاصفهانيّ في نهاية الدراية ١ : ١١ ـ ١٢.