هذا بحسب العرف واللغة.
وأمّا بحسب الاصطلاح فقد نقل الاتّفاق على أنّه حقيقة في القول المخصوص (١) ، ومجاز في غيره (٢).
ولا يخفى : أنّه عليه لا يمكن منه الاشتقاق ، فإنّ معناه حينئذ لا يكون معنى حدثيّا ، مع أنّ الاشتقاقات منه ظاهرا تكون بذلك المعنى المصطلح عليه بينهم ، لا بالمعنى الآخر ، فتدبّر.
ويمكن أن يكون مرادهم به هو الطلب بالقول ، لا نفسه ـ تعبيرا عنه بما يدلّ عليه ـ. نعم ، القول المخصوص ـ أي صيغة الأمر ـ إذا أراد العالي بها الطلب يكون من مصاديق الأمر ، لكنّه بما هو طلب مطلق أو مخصوص.
وكيف كان فالأمر سهل لو ثبت النقل (٣) ، ولا مشاحّة في الاصطلاح ، وإنّما المهمّ بيان ما هو معناه عرفا ولغة ليحمل عليه فيما إذا ورد بلا قرينة.
وقد استعمل في غير واحد من المعاني في الكتاب والسنّة ، ولا حجّة على أنّه
__________________
ـ وأمّا المحقّق العراقيّ : فذهب إلى أنّ لفظ «الأمر» مشترك لفظيّ بين معنيين : (أحدهما) : الطلب المبرز بالقول أو بغيره من كتابة أو إشارة. وهو بهذا المعنى من المشتقّات ، فيصلح الاشتقاق منه اسما وفعلا ، ويجمع ب «أوامر». (ثانيهما) : مفهوم عرضيّ عامّ مساوق لمفهوم الشيء حاك عن الطلب الحقيقيّ الخارجيّ. وهو بهذا المعنى من الجوامد. ويجمع ب «امور». نهاية الأفكار ١ : ١٥٦ ـ ١٥٨.
وخالفه أيضا السيّدان العلمان : الإمام الخمينيّ والمحقّق الخوئيّ ، فأوردا على كون الأمر مشتركا لفظيّا أو معنويّا ، وذهب كلّ منهما إلى قول.
فذهب الأوّل إلى أنّ مادّة «الأمر» موضوعة لمفهوم اسميّ مشترك بين الهيئات بما لها من المعانى ، لا بمعنى دخول المعاني في الموضوع له ، بل بمعنى أنّ الموضوع له جامع الهيئات الدالّة على معانيها. مناهج الوصول ١ : ٢٣٨.
وذهب الثاني إلى أنّها موضوعة للدلالة على إبراز الأمر الاعتباريّ النفسانيّ ـ أي : اعتبار الشارع الفعل على ذمّة المكلّف ـ. محاضرات في اصول الفقه ٢ : ٩ ـ ١٠ و ١٣١.
(١) أي : صيغة «افعل».
(٢) راجع الفصول الغرويّة : ٦٣.
(٣) أي : لو ثبت نقل لفظ «الأمر» عن معناه اللغويّ إلى القول المخصوص.