العقل بالاستحقاق ، وأمّا طلب الشارع لهذا الفعل :
دلالة «أخبار من بلغ» على الأمر الإرشادي
فإن كان على وجه الإرشاد لأجل تحصيل هذا الثواب الموعود فهو لازم للاستحقاق المذكور ، وهو عين الأمر بالاحتياط.
وإن كان على وجه الطلب الشرعيّ المعبّر عنه بالاستحباب ، فهو غير لازم للحكم بتنجّز الثواب ؛ لأنّ هذا الحكم تصديق لحكم العقل بتنجّزه فيشبه قوله تعالى : ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي﴾(١). إلاّ أنّ هذا وعد على الإطاعة الحقيقيّة ، وما نحن فيه وعد على الإطاعة الحكميّة ، وهو الفعل الذي يعدّ معه العبد في حكم المطيع ، فهو من باب وعد الثواب على نيّة الخير التي يعدّ معها العبد في حكم المطيع من حيث الانقياد.
وأمّا ما يتوهّم : من أنّ استفادة الاستحباب الشرعيّ فيما نحن فيه نظير استفادة الاستحباب الشرعيّ من الأخبار الواردة في الموارد الكثيرة المقتصر فيها على ذكر الثواب للعمل ، مثل قوله عليهالسلام : «من سرّح لحيته فله كذا» (٢).
فمدفوع (٣) : بأنّ الاستفادة هناك باعتبار أنّ ترتّب الثواب لا يكون إلاّ مع الإطاعة حقيقة أو حكما ، فمرجع تلك الأخبار إلى بيان الثواب على إطاعة الله سبحانه بهذا الفعل ، فهي تكشف عن تعلّق الأمر بها من الشارع ، فالثواب هناك لازم للأمر يستدلّ به عليه استدلالا إنيّا.
__________________
(١) النساء : ١٣.
(٢) انظر الوسائل ١ : ٤٢٩ ، الباب ٧٦ من أبواب آداب الحمّام ، الحديث الأوّل.
(٣) كذا في (ت) ، وفي غيرها : «مدفوع».