إلاّ أن يقال : إنّ احتمال أن يرد من الشارع حكم توقيفيّ في ترجيح جانب الحرمة ـ ولو لاحتمال شمول أخبار التوقّف لما نحن فيه ـ كاف في الاحتياط والأخذ بالحرمة.
هل التخيير على القول به ، ابتدائي أو استمراري؟
ثمّ لو قلنا بالتخيير ، فهل هو في ابتداء الأمر فلا يجوز له العدول عمّا اختار ، أو مستمرّ فله العدول مطلقا ، أو بشرط البناء على الاستمرار (١)؟ وجوه.
ما استدلّ به للتخيير الابتدائي
يستدلّ للأوّل : بقاعدة الاحتياط ، واستصحاب الحكم المختار ، واستلزام العدول للمخالفة القطعيّة المانعة عن الرجوع إلى الإباحة من أوّل الأمر (٢).
المناقشة فيما استدلّ
ويضعّف الأخير : بأنّ المخالفة القطعيّة في مثل ذلك لا دليل على حرمتها ، كما لو بدا للمجتهد في رأيه ، أو عدل المقلّد عن مجتهده لعذر ـ من موت ، أو جنون ، أو فسق ـ أو اختيارا (٣) على القول بجوازه.
ويضعّف الاستصحاب : بمعارضة استصحاب التخيير الحاكم عليه.
ويضعّف قاعدة الاحتياط : بما تقدّم ، من أنّ حكم العقل بالتخيير عقليّ لا احتمال فيه حتّى يجري فيه الاحتياط.
ومن ذلك يظهر : عدم جريان استصحاب التخيير ؛ إذ لا إهمال في حكم العقل حتّى يشكّ في بقائه في الزمان الثاني.
الأقوى هو التخيير الاستمراري
فالأقوى : هو التخيير الاستمراريّ ، لا للاستصحاب بل لحكم العقل في الزمان الثاني كما حكم به في الزمان الأوّل.
__________________
(١) العبارة في (ظ) هكذا : «أو بشرط العزم حين الاختيار على الاستمرار».
(٢) كذا في (ر) ومصحّحة (ص) ، ووردت العبارة في باقي النسخ مضطربة.
(٣) في (ر) ، (ص) و (ه): «اختيار».