درس فرائد الاصول - برائت

جلسه ۳۰: برائت ۳۰

جواد مروی
استاد
جواد مروی
 
۱

صوت این جلسه موجود نیست

وفي كلا الجوابين ما لا يخفى على من راجع تلك الأخبار.

جواب الرابع

ومنها : أنّها معارضة بأخبار البراءة ، وهي أقوى سندا ودلالة واعتضادا بالكتاب والسنة والعقل ، وغاية الأمر التكافؤ ، فيرجع إلى ما تعارض فيه النصّان ، والمختار فيه التخيير ، فيرجع إلى أصل البراءة (١).

وفيه : أنّ مقتضى أكثر أدلّة البراءة المتقدّمة ـ وهي جميع آيات الكتاب ، والعقل ، وأكثر السنّة ، وبعض تقريرات الإجماع ـ عدم استحقاق العقاب على مخالفة الحكم الذي لا يعلمه المكلّف ، ومن المعلوم أنّ هذا من مستقلاّت العقل الذي لا يدلّ أخبار التوقف ولا غيرها من الأدلة النقليّة على خلافه ، وإنّما يثبت أخبار التوقف ـ بعد الاعتراف (٢) بتماميّتها على ما هو المفروض ـ تكليفا ظاهريّا بوجوب الكفّ وترك المضيّ عند الشبهة ، والأدلّة المذكورة لا تنفي هذا المطلب ، فتلك الأدلّة بالنسبة إلى هذه الأخبار من قبيل الأصل بالنسبة إلى الدليل ، فلا معنى لأخذ الترجيح بينهما.

وما يبقى من السنّة من قبيل قوله عليه‌السلام : «كلّ شيء مطلق» (٣) لا يكافئ أخبار التوقّف ؛ لكونها أكثر وأصحّ سندا.

وأمّا قوّة الدلالة في أخبار البراءة فلم يعلم.

وظهر (٤) أنّ الكتاب والعقل لا ينافي وجوب التوقّف.

__________________

(١) هذا الجواب أيضا ذكره المحقّق القمّي في القوانين ٢ : ٢٢.

(٢) في (ظ): «وإنّما تثبت بعد الاعتراف».

(٣) تقدّم الحديث في الصفحة ٤٣.

(٤) في (ت) ، (ر) و (ه): «وظاهر».

وأمّا ما ذكره : من الرجوع إلى التخيير مع التكافؤ ، فيمكن للخصم منع التكافؤ ؛ لأنّ أخبار الاحتياط مخالفة للعامّة ؛ لاتّفاقهم ـ كما قيل (١) ـ على البراءة ، ومنع التخيير على تقدير التكافؤ ؛ لأنّ الحكم في تعارض النصّين الاحتياط ، مع أنّ التخيير لا يضرّه ؛ لأنّه يختار أدلّة وجوب الاحتراز عن الشبهات.

جواب الخامس

ومنها : أنّ أخبار البراءة أخصّ ؛ لاختصاصها بمجهول الحلّية والحرمة ، وأخبار التوقّف تشمل كلّ شبهة ، فتخصّص بأخبار البراءة (٢).

وفيه : ما تقدّم (٣) ، من أنّ أكثر أدلّة البراءة بالإضافة إلى هذه الأخبار من قبيل الأصل والدليل ، وما يبقى وإن (٤) كان ظاهره الاختصاص بالشبهة الحكميّة التحريميّة ، مثل قوله عليه‌السلام : «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» (٥) ، لكن يوجد (٦) في أدلّة التوقّف ما لا يكون أعمّ منه ؛ فإنّ ما ورد فيه نهي معارض بما دلّ على الاباحة غير داخل في هذا الخبر ويشمله أخبار التوقف ، فإذا وجب التوقّف هنا وجب فيما لا نصّ فيه بالإجماع المركّب ، فتأمّل.

مع أنّ جميع موارد الشبهة التي أمر فيها بالتوقّف ، لا تخلو عن

__________________

(١) قاله المحدّث الأسترابادي في الفوائد المدنيّة : ١٣٧.

(٢) هذا الجواب للفاضل النراقي في المناهج : ٢١٤.

(٣) راجع الصفحة ٢٧ و ٥٠.

(٤) في (ر) ، (ص) و (ظ): «فإن».

(٥) تقدّم الحديث في الصفحة ٤٣.

(٦) كذا في (ه) ، وفي (ت) ، (ر) ، (ص) و (ظ): «لكن فيوجد».

أن يكون شيئا محتمل الحرمة ، سواء كان عملا أم حكما أم اعتقادا ، فتأمّل.

والتحقيق في الجواب ما ذكرنا.

٣ ـ الأخبار الدالّة على وجوب الاحتياط

الثالثة : ما دلّ على وجوب الاحتياط ، وهي كثيرة :

صحيحة عبدالرحمن ابن الحجّاج

منها : صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج : «قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجلين أصابا صيدا وهما محرمان ، الجزاء بينهما أو على كلّ واحد منهما جزاء؟ قال : بل عليهما أن يجزي كلّ واحد منهما الصّيد ، قلت : إنّ بعض أصحابنا سألني عن ذلك فلم أدر ما عليه ، قال : إذا أصبتم مثل هذا فلم تدروا فعليكم بالاحتياط حتّى تسألوا عنه (١) وتعلموا» (٢).

موثّقة عبدالله ابن وضّاح

ومنها : موثّقة عبد الله بن وضّاح ـ على الأقوى ـ : «قال : كتبت إلى العبد الصالح : يتوارى القرص ويقبل الليل ويزيد الليل ارتفاعا وتستتر عنّا الشمس وترتفع فوق الجبل حمرة ويؤذّن عندنا المؤذّنون ، فاصلّي حينئذ وافطر إن كنت صائما ، أو أنتظر حتّى تذهب الحمرة التي فوق الجبل؟

فكتب عليه‌السلام إليّ (٣) : أرى لك أن تنتظر حتّى تذهب الحمرة وتأخذ بالحائطة لدينك» (٤).

فإنّ الظاهر أنّ قوله عليه‌السلام : «وتأخذ» بيان لمناط الحكم ، كما في

__________________

(١) «عنه» من المصدر.

(٢) الوسائل ١٨ : ١١١ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث الأوّل.

(٣) «إليّ» من المصدر.

(٤) الوسائل ٣ : ١٢٩ ، الباب ١٦ من أبواب المواقيت ، الحديث ١٤.